كتاب الصداقة والصديق

عليه فلست له بصاحب، وإذا جلس يبول فلم تلبث له فلست له برفيق.
كان عامر بن قيس إذا توجه للغزو توسم الرفاق، فإذا رأى قوماً لهم هدى قال: يا قوم إني أريد أن أصحبكم على ثلاث خلال فيقال له: ما هن؟ قال: أكون خادماً لكم، ومؤذناً بينكم، وأنفق عليكم. فإذا قالوا: نعم صحبهم وإلا تركهم.
قيل لفيلسوف: من أطول الناس سفراً؟ قال: من سافر في طلب صديق.
سمع ابن عطاء رجلاً يقول: أنا في طلب صديق منذ ثلاثين سنة فلا أجده، فقال له: لعلك في طلب صديق تأخذ منه شيئاً، ولو طلبت صديقاً تعطيه شيئاً لوجدت! قال أبو سليمان: هذا كلام ظالم، الصديق لا يراد ليؤخذ منه شيء، أو ليعطي شيئاً، ولكن ليسكن إليه، ويعتمد عليه، ويستأنس به، ويستفاد منه، ويستشار في الملم، وينهض في المهم، ويتزين به إذا حضر، ويتشوق إليه إذا سفر، والأخذ والإعطاء في عرض ذلك جاريان على مذهب الجود والكرم، بلا حسد، ولا نكد، ولا صدد، ولا حدد، ولا تلوم، ولا تلاوم، ولا كلوح، ولا فتوح، ولا تعريض بنكير، ولا نكاية بتغيير.

الصفحة 68