كتاب الصداقة والصديق

وكان كلامه أتم من هذا وأنفس، ولكني ظفرت بهذا القدر فرويته على ذلك، وقول هذا الحكيم شبيه بقول روح بن زنباع وقد سئل عن الصديق فقال: لفظ بلا معنى، أي هو شيء عزيز، ولعزته كأنه ليس بموجود، ولو جهل معنى الصديق لجهل معنى الصاحب، لجهل معنى الخليل، وعلى هذا، الحبيب، والرفيق، والأليف، والوديد، والموآخي، والمساعد، وهذه كلها على رزدق واحد، وإنما تختلف بالمرتبة في الأخص، والأعم، والألطف، والأكثف، والأقرب، والأبعد، والأخلص، والأريب.
قال الإسكندر لديوجانس: بم يعرف الرجل أصدقاءه، قال: بالشدائد، لأن كل أحد في الرخاء صديق.
قيل لديوخانس: ما الذي ينبغي للرجل أن يتحفظ منه؟ قال: من حسد أصدقائه، ومكر أعدائه.
قيل لثيفانوس الفيلسوف: من صديقك؟ قال: الذي إذا صرت إليه في حاجة وجدته أشد مسارعة إلى قضائها مني إلى طلبها منه.
قال فيلسوف: ليس يحسر العاقل على الصديق، لأنه إن كان فاضلاً تزين به، وإن كان سفيهاً راض حلمه به.
قال انكساغورس: كيف تريد من صديقك خلقاً واحداً وهو ذو طبائع أربع وفي مثله قال الشاعر:
وأنى له خلق واحد ... وفيه طبائعه الأربع

الصفحة 71