كتاب المنفرجتان
وفيهَا تثبيت لَهُ وَلِهَذَا رُبمَا وجدهَا أهل البدايات فِي بدايتهم وفقدها أهل النهايات فِي نهايتهم لِأَن مَا هم عَلَيْهِ من الرسوخ والتمكن لَا يَحْتَاجُونَ مَعَه إِلَى تثبيت وَلذَلِك قل ظُهُورهَا على يَد السّلف الصَّالح من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَاعْلَم أَن الْأَمر الخارق للْعَادَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّبِي معْجزَة سَوَاء ظهر من قبله أم من قبل آحَاد أمته وبالنسبة إِلَى الْوَلِيّ كرامه لخلوه عَن دَعْوَى نبوة من ظهر ذَلِك من قبله وبالنسبة إِلَى غَيرهمَا خذلان واستدراج وَالنَّبِيّ لابد من علمه بِأَنَّهُ نَبِي وَمن قَصده إِظْهَار الخوارق وَمن حكمه قطعا بِمُوجب المعجزات بِخِلَاف الْوَلِيّ وَصَاحب الْكَرَامَة لَا يسْتَأْنس بهَا بل يشْتَد خَوفه مَخَافَة أَن يكون ذَلِك استدراجاً والمستدرج يسْتَأْنس مِمَّا ظهر عَلَيْهِ وَعند ذَلِك يستحقر غَيره وينكر عَلَيْهِ وَيحصل لَهُ الْأَمْن من مكر الله وعقابه فَإِذا ظهر شَيْء من هَذِه الْأَحْوَال على من ظهر عَلَيْهِ ذَلِك دلّ على أَنه اسْتِدْرَاج لَا كَرَامَة وَلذَلِك قَالَ الْمُحَقِّقُونَ أَكثر مَا اتّفق من الِانْقِطَاع عَن حَضْرَة الرب
الصفحة 129
160