كتاب دلائل الإعجاز ت شاكر (اسم الجزء: 1)

ليمنَعَه بذلك من الشكَّ، ومِنْ توهُّم أن يكونَ قد وصفَهم بصفةٍ ليستْ هي لهم، أو أن يكونَ قد أرادَ غيرَهم فغَلِط إليه.
123 - وعلى ذلك قول الآخر:
هُمُ يَضْرِبونَ الكَبْشَ يَبْرُقُ بَيْضُه، ... عَلى وَجْهِهِ مِنَ الدِّماءِ سَبَائِبُ1
لم يُرد أن يدَّعيَ لهم الانفرادَ، ويَجْعلَ هذا الضربَ لا يكونُ إلاَّ منهم، ولكنْ أراد الذي ذكرتُ لك، مِنْ تَنبيهِ السَّامع لِقَصْدهم بالحديثِ من قَبْل ذِكْر الحديثِ، ليُحقِّق الأَمرَ ويؤكِّدَه.
124 - ومن البَيِّنِ فيه قولُ عروةَ بنِ أذينة:
سليمى أزمعت بينا ... فأين نقولها أَينا2
وذلك أنه ظاهرٌ معلومٌ أَنه لم يُرد أن يجعلَ هذا الإزْماعَ لها خاصة، ويجعلَها من جماعةٍ لم يُزْمِع البينَ منهُم أحدٌ سِواها. هذا محالٌ، ولكنه أرادَ أنْ
__________
1 الشعر للأخنس بن شهاب التغلبي، الجاهل القديم، من قصيدته في المفضليات رقم: 41، "الكبش"، قائد القوم. و "سبائب" جمع "سببية"، يعني على وجهه طرائق من الدم. وفي "ج": "هم يترقون الكبش"، سهو وخطأ.
2 في ديوان شعره: 397 - 400، وفي هامش المخطوطة، ما نصه: "وبعده:
وقد قالت لأتراب ... لها زهر تلافينا
تعالين، فقد طاب ... لنا العيش تعالينا
وغاب البرم الليـ ... ـلة، والعين فلا عينا
إلى مثل مهاة الرمـ ... ـل تكسو المجلس الزنيا
تمنين مناهن ... فكنا ما تمنينا

الصفحة 130