كتاب دلائل الإعجاز ت شاكر (اسم الجزء: 1)

راجَ عنه القولُ أن يكونَ قد خلَط فيه، ولم يُسدَّدْ في معانيه، ونَستأنفُ الرغبةَ إليهِ عزَّ وجل في الصَّلاة على خَيْر خَلْقه، والمُصطفى مِن بَريَّته، محمّدٍ سيّدِ المُرسلينَ، وعلى أصحابهِ الخُلفاءِ الراشدين، وعلى آلهِ الأخيارِ من بعدهم أجمعين.
بيان فضل العلم:
1 - وبعدُ فإنَّا إذا تصفَّحْنا الفضائلَ لنَعرفَ منازلَها في الشَّرف، ونتبيَّنَ مواقِعَها مِن العِظَم؛ ونَعلم أيٌّ أحقٌّ منها بالتّقَديم، وأسبقُ في استيجابِ التعَّظيم، وجَدْنا العِلمَ أَولاها بذلك، وأوَّلُها هنالك؛ إذ لا شَرفَ إلاَّ وهو السّبيلُ إليه، ولا خيرَ إلاَّ وهو الدَّليلُ عليه، ولا مَنْقَبةَ إلاَّ وهو ذُروتها وسَنامها، ولا مَفْخرةَ إلاَّ وبهِ صحَّتُها وتمَامُها، ولا حسنةَ إلاَّ وهو مِفتاحُها؛ ولا مَحْمَدةَ إلا ومنه يَتَّقدُ مصباحُها، وهو الوفيُّ إذا خانَ كلُّ صاحبٍ، والثقةُ إذا لم يُوثَق بناصحٍ، لولاهُ لَما بانَ الإنسانُ من سائِرِ الحيوانِ إلا بتخطيط صُورتِه، وهيئةِ جسمِهِ وبُنيته، لا، ولا وجَدَ إلى اكتسابِ الفضلِ طريقاً، ولا وجَد بشيءٍ منَ المحاسنِ خليقاً. ذاكَ لأنَّا وإنْ كنَّا لا نصلُ إلى اكتسابِ فضيلةٍ إِلا بالفعلِ، وكانَ لا يكونُ فعْلٌ إلاَّ بالقُدرة، فإنَّا لم نَرَ فعلاً زانَ فاعِلَه وأوجبَ الفضلَ له، حتى يكونَ عنِ العلم صَدَرُهُ، وحتى يتتبين ميسمه عليه وأثره، ولم نر قدرةقط كَسبتْ صاحَبَها مَجْداً وأفادتْه حَمْداً، دونَ أن يكونَ العلمُ رائدَها فيما تَطْلُب، وقائدَها حيث يؤم ويذهب، ويكُونَ المُصرِّفَ لعِنَانها؛ والمقلِّبَ لها في مَيْدانِها. فهي إذاً مفتقِرة في أن تكونَ فضيلةٌ إليه، وعيالٌ في استحقاقِ هذا الاسم عليه، وإذا هيَ خلتْ منَ العِلم أو أبَتْ أن تمتثل أمره؛ وتقتفي أثره ورسمه1،
__________
1 في "ج" والمطبوعة: "وتقتفي رسمه".

الصفحة 4