تلفَّتُّ نَحْو الحَيَّ حَتّى وجدْتُني ... وجِعْتُ من الإصغاء ليتا وأخدعا1
وبيت البحترى:
وإني وإن بلغني شرَفَ الغِنى ... وأَعتقْتَ مِنْ رِقِّ المَطامع أَخْدَعي2
فإنَّ لها في هذين المكانَين ما لا يَخْفى مِن الحُسْن، ثم إنّكَ تتأَمُّلها في بيت أبي تمام:
يا دَهْرُ قوِّمْ مِن اخْدَعَيْكَ فقدْ ... أضْجَجْتَ هذا الأنامَ مِن خَرُقكْ3
فتَجدُ لها مِنَ الثقل على النفس، ومن التبغيص والتكْدير، أضعافَ ما وجدتَ هناك منَ الروْح والخفة، ومن الإيناس والبهجة.
ومِنْ أَعجبِ ذلك لفظةُ "الشيءِ"، فإنكَ تَراها مقبولة حسنةً في موضعٍ، وضعيفةً مستكْرَهة في موضع. وإنْ أردْتَ أن تَعْرف ذلك، فانظرْ إلى قولِ عمرَ بن أبي ربيعة المخزومي:
ومن مالئ عينيه مِنْ شيء غيرِهِ ... إذا راحَ نحو الجمرة البيض كالذمي4
وقوله أبي حية:
__________
1 البيت للصمة بن عبد الله القشيري، في شرح حماسة أبي تمام للتبريزي 3: 114، و "الليت"، صفحة العنق، و "الأخدع" عرق في العنق.
2 في ديوانه، فانظره.
3 في ديوانه، فانظره، و "الخرق"، الحمق، وضم الراء قياسًا مطردًا.
4 في ديوانه، فانظره، وقبله متصلًا به:
وكم من قتيل لا يباء له دم ... ومن غلق رهنًا، إذا ضمه مني