كتاب مختصر معارج القبول

الفصل الثاني: الإيمان
هذه هي المرتبة الثانية في الحديث المذكور.

*أولاً: تعريف الإيمان:
أ-الإيمان لغة وشرعاً:
الإيمان لُغَةً: التَّصْدِيقُ. قَالَ إِخْوَةُ يُوسُفَ لِأَبِيهِمْ: {وَمَا أنت بمؤمن لنا} (¬1) أي بمصدق.
وأما في الشريعة: فلإطلاقه حالتان:
الْأُولَى: أَنْ يُطْلَقَ عَلَى الْإِفْرَادِ غَيْرَ مُقْتَرِنٍ بِذِكْرِ الْإِسْلَامِ فَحِينَئِذٍ يُرَادُ بِهِ الدِّينُ كُلُّهُ، القول والعمل.
والثانية: أن يطلق مَقْرُونًا بِالْإِسْلَامِ وَحِينَئِذٍ يُفَسَّرُ بِالِاعْتِقَادَاتِ الْبَاطِنَةِ كَمَا في حديث جبريل وما في معناه وكقوله تعالى: {الذين آمنوا وعملوا الصالحات} في كثير مِنَ الْآيَاتِ، وَكَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفِّهِ عَلَى الْإِيمَانِ) (¬2) وَذَلِكَ أن الأعمال بالجوارح إنما يتمكن منها في الحياة أما عِنْدُ الْمَوْتِ فَلَا يَبْقَى غَيْرُ قَوْلِ الْقَلْبِ وعمله. أما أمثلة الحالة الأولى (¬3) فمنها قوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النور} (¬4) ، وقوله تعالى: {والله ولي المؤمنين} (¬5) ، وقوله
¬_________
(¬1) يوسف: 17.
(¬2) قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وقال الألباني: وهو كما قالا، تخريج المشكاة 1675.
(¬3) لما كان الكلام عنها سيطول بعض الشيء إن شاء الله قدمت عليه الكلام في الحالة الثانية.
(¬4) البقرة: 257.
(¬5) آل عمران: 68.

الصفحة 175