وَقَوْلُهُ: (وَمَا مِنَّا إِلَّا) الْخَ هُوَ مِنْ كلام ابن مسعود رضي الله عنه كما بينه الترمذي رحمه الله (¬1) .
-وأما الهامة والصفر وقد ورد نفيهما في الحديث السابق في الكلام عن العدوى، فروى أبو داود عن بَقِيَّةُ قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ - يَعْنِي ابْنَ رَاشِدٍ - قَوْلُهُ: (هَامَ) ، قَالَ: كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَقُولُ: لَيْسَ أَحَدٌ يَمُوتُ فَيُدْفَنُ إِلَّا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ هامة (¬2) ، قلت فقوله: (صفر) قال: كانوا يستشئمون بدخول صفر فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَا صَفَرَ) قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقَدْ سَمِعْنَا مَنْ يَقُولُ هُوَ وَجَعٌ يَأْخُذُ فِي الْبَطْنِ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: هو يعدي فقال: (لا صفر) (¬3) ، وعن عطاء أن الهامة دابة، وعن مالك وقد سئل عَنْ قَوْلِهِ: (لَا صَفَرَ) قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُحِلُّونَ صَفَرَ، يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا صفر) وكل هذا الْمَعَانِي لِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ قَدِ اعْتَقَدَهَا الْجُهَّالُ وَكُلُّهَا بجميع معانيها المذكورة منفية بنص الحديث.
-وَأَمَّا الغُول (¬4) فَهِيَ وَاحِدُ الْغِيلَانِ وَهِيَ مِنْ شَرِّ شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَسَحَرَتِهِمْ وَالنَّفْيُ لِمَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فِيهِمْ مِنَ الضُّرِّ وَالنَّفْعِ، وكانوا يخافونهم
¬_________
(¬1) قال المناوي: (لكن تعقبه ابن القطان بأن كل كلام مسوق في سياق، لا يقبل دعوى درجه إلا بحجة) ، قال الألباني: (ولا حجة هنا في الإدراج فالحديث صحيح بكامله) الصحيحة مج1 ص716.
(¬2) وقال ابن الأثير: الهام جمع هامة، وهو طائر كانت العرب تزعم أن عظام الميت تصير هامة فتطير، وكانوا يقولون: إن القتيل تخرج من هامته - أي: رأسه - هامة، فلا تزال تقول: اسقوني، اسقوني، حتى يُقتَل قاتله. جامع الأصول ج7 ص637.
(¬3) وقال ابن الأثير: والعرب تزعم أن في البطن حية تصيب الإنسان إذا جاع وتؤذيه، وأنها تُعْدِي، فأبطله الإسلام. جامع الأصول ج7 ص634.
(¬4) في صحيح مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - يقول: (لا عدوى ولا صفر ولا غُول) . واه في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة. وانظر صحيح مسلم بشرح النووي ج14 ص216، 217.