كتاب مختصر معارج القبول

الْهِجْرَةِ جَمِيعَ الْفَرَائِضِ الَّتِي لَمْ تُفْرَضْ مِنْ قَبْلُ، فَالْجِهَادُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى، وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ السفر في الأولى (¬1) ، وشرع الأذان والصيام والزكاة - بأنصبتها المعروفة - وَتَحْوِيلَ الْقِبْلَةِ إِلَى الْكَعْبَةِ كُلَّهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَشَرَعَ التَّيَمُّمَ سَنَةَ سِتٍّ وَصَلَاةَ الْخَوْفِ سَنَةَ سَبْعٍ، وَالْحَجَّ فِي السَّادِسَةِ وَقِيلَ فِي التَّاسِعَةِ وَقِيلَ فِي التَّاسِعَةِ وَقِيلَ فِي الْعَاشِرَةِ، وَفِيهَا حج النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورضيت لكم الإسلام ديناً} (¬2) كما في الصحيحين.

ووفاته - صلى الله عليه وسلم -:
وكان قبضه - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى - وهو أعلى عليين، وهو الْوَسِيلَةُ الَّتِي هِيَ أَعْلَى دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ وَلَا تَنْبَغِي إِلَّا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ أَمَرَنَا أَنْ نَسْأَلَ اللَّهَ لَهُ ذلك (¬3) - فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ نَهَارَ الِاثْنَيْنِ (¬4) بَعْدَ حَجَّةِ الوداع بفوق ثمانين ليلة (¬5) ، قال تَعَالَى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انقلبتم على أعقابكم} (¬6) ، وقال: {إنك ميت وإنهم ميتون} (¬7) .
¬_________
(¬1) وكانت صلاة السفر وصلاة الحضر قبل ذلك سواء ثم صارت الحضر تامة وصار القصر في السفر.
(¬2) المائدة: 3.
(¬3) والحديث في الصحيح، وقد سبق في الشفاعة ص266.
(¬4) قال ابن حجر: كانت وفاته - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين بلا خلاف من ربيع الأول وكاد يكون إجماعاً. ثم عند ابن اسحاق والجمهور أنها في الثاني عشر منه (انظر فتح الباري ج7 ص736) .
(¬5) عاش عليه الصلاة والسلام بعد حجته ثمانين يوماً وقيل أحداً وثمانين وقيل تسعين أو أحداً وتسعين - المصدر السابق.
(¬6) آل عمران: 144.
(¬7) الزمر: 30.

الصفحة 353