كتاب مختصر معارج القبول

وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ اتِّفَاقِ دعوة الرسل في ذلك فقال سبحانه وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فاعبدون} (¬1) ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أمةٍ رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} (¬2) ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يعبدون} (¬3) ، وقال تَعَالَى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تتفرقوا فيه} (¬4) وهؤلاء المذكورون هم أولو العزم من الرسل وبقية الرسل مثلهم في ذلك.
2-أن الدعوة إلى توحيد الله بالعبادة هي الدعوة التي من أجلها جردت سيوف الجهاد ودار الصراع بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، فقد كلف الله تعالى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكذا أمته من بعده بقتال من رفض ذلك التوحيد وتولى عنه. قال تعالى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فقاتلوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كل مرصد} (¬5) ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عليهم} (¬6) ، وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} (¬7) ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ الناس حتى
¬_________
(¬1) الأنبياء: 25.
(¬2) النحل: 36.
(¬3) الزخرف: 45.
(¬4) الشورى: 13.
(¬5) التوبة: 5.
(¬6) التوبة: 73، التحريم: 9.
(¬7) الأنفال: 38، 39.

الصفحة 87