كتاب الطبقات الكبرى - متمم التابعين - محققا

مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ1، عَنْ عَمِّهِ2.
قَالُوا: "لمَّا دَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقبة3 الْمَدِينَةَ وَأَنْهَبَهَا، وَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ، دَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ فَكَانَتْ بَنُو أميَّة أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ. ثُمَّ دَعَا بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العزَّى -وَكَانَ عَلَيْهِمْ حَنِقًا4- إِلَى قَصْرِهِ، فَقَالَ: تُبَايِعُونَ لِعَبْدِ اللَّهِ يَزِيدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلِمَنِ اسْتَخْلَفَ بَعْدَهُ عَلَى أَنَّ أَمْوَالَكُمَ وَأَنْفُسَكُمْ خَوَل5 لَهُ يَقْضِي فِيهَا مَا شَاءَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَ لِيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ خَاصَّةً. بَايِعْ عَلَى أَنَّكَ عَبْدُ الْعَصَا فَقَالَ: يَزِيدُ أَيُّهَا الْأَمِيرُ إِنَّمَا نَحْنُ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَنَا مَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْنَا مَا عَلَيْهِمْ أُبَايِعُ لِابْنِ عَمِّي وَخَلِيفَتِي وَإِمَامِي عَلَى مَا يُبَايِعُ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَقَانِي دَمَكَ، وَاللَّهِ لَا أُقِيْلَكَها6 أبداً، لَعْمري إنك لَطَّعَان وأصحابك على خلفائك، فقدمه فضرب عنقه"7.
__________
1 ستأتي ترجمته رقم 354.
2 عمه هو يزيد صاحب الترجمة.
3 هو مسلم بن عقبة المري صاحب موقعة الحرة بالمدينة، وهو الذي أباح المدينة ثلاثة أيام. توفي سنة أربع وستين، لا رحمه الله ولعنه. (انظر: تاريخ خليفة 254-255، والمعارف لابن قتيبة 351. ووفيات الأعيان لابن خلكان 6/276) .
4 حنقاً: بفتح الحاء وكسر النون، أي شديد الغيظ. (انظر: مختار الصحاح 159، والمعجم الوسيط 1/203 مادة حَنِقَ) .
5 خول: بفتح الخاء المعجمة والواو. أي ملك. (انظر: مقاييس اللغة 2/230 مادة خَوَلَ) .
6 أُقِيلَكَها: يقال: قال الله فلاناً عثرته إذا صفح عنه وترك عقوبته. والمراد هنا: أنه لن يصفح عنه.
(انظر: تهذيب اللغة 9/307) .
7 وأورد كل من خليفة، وابن بكار، والطبري، الرواية الخاصة بيزيد باختصار وبألفاظ مقاربة وكان ذلك سنةى ثلاث وستين. (انظر: تاريخ خليفة 238-239، وجمهرة نسب قريش 474. وتاريخ الطبري 5/491-492) .

الصفحة 104