كتاب الطبقات الكبرى - متمم التابعين - محققا

فَقَالَ: "إمَّا أَنْ تَلِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شيئا فلا تخف في اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَإِمَّا أَنْتَ خِلْو مِنْ أَمْرِهِمْ1 فَأَكَبَّ2 عَلَى نَفْسِكَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عن [166/أ] الْمُنْكَرِ".
قَالَ يَحْيَى: 3 "حدَّث بِهَذَا الْحَدِيثِ الزهريُّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: إِنَّ الزُّهْرِيَّ حَدَّثَنِي بِكَذَا وَكَذَا".
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ4 عَنِ الزُّهْرِيِّ: "إِنَّ هِشَامًا5 اسْتَعْمَلَ ابْنَهُ أَبَا شَاكِرٍ وَاسْمُهُ مَسْلَمة بْنُ هِشَامٍ عَلَى الْحَجِّ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ وَأَمَرَ الزُّهْرِيَّ أَنْ يَسِيرَ مَعَهُ إِلَى مَكَّةَ6 وَوَضَعَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ دِيوَانِ مَالِ اللَّهِ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفِ دِينَارٍ فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو شَاكِرٍ الْمَدِينَةَ أَشَارَ عَلَيْهِ الزُّهْرِيُّ أَنْ يَصْنَعَ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ خَيْرًا وحضَّه عَلَى ذَلِكَ، فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ نِصْفَ شَهْرٍ وقسَّم الخُمس عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ وَفَعَلَ أُمُورًا حَسَنَةً وَأَمَرَهُ الزُّهْرِيُّ أَنْ يهُلَّ7 مِنْ مَسْجِدِ ذِي الحُلَيْفة8 إِذَا ابتَعَثَت بِهِ ناقته9 وأمره محمد بن
__________
1 خِلو من أمرهم: أي لا تلي من أمرهم شيئاً. (انظر: تهذيب اللغة 7/572، والمعجم الوسيط 1/254، مادة خَلَوَ) .
2 أكب: أي اهتم وانشغل بنفسك. والمقصود تهذيب النفس وإصلاحها. (انظر: المعجم الوسيط 2/771. مادة كَبَبَ) .
3 هو يحيى بن سعيد الأنصاري. ستأتي ترجمته رقم 24.
4 هو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شهاب الزهري. ابن أخي الزهري. أبو عبد الله المدني. ستأتي ترجمته رقم 385.
5 هو هشام بن عبد الملك الخليفة الأموي.
6 وكان ذلك سنة تسع عشرة ومائة. (انظر: تاريخ خليفة 349. تاريخ الطبري 7/138. والبداية والنهاية 9/324) .
7 يِهُلَّ: يرفع صوته في التلبية.
8 ذو الحليفة: بضم الحاء المهملة مصغرة. وهي قرية صغيرة تقع جنوب غرب المدينة تبعد عن المدينة المنورة ثمانية كيلومتراً، وهي ميقات أهل المدينة وتسمى اليوم آبار علي.
9 وفي الحاشية (راحلته) .

الصفحة 164