كتاب الطبقات الكبرى - متمم التابعين - محققا

قَالَ: "سَمِعْتُ عَمِّي مَا لَا أَحْصِي يَقُولُ: مَا أُبَالِي قَرَأْتُ عَلَى الْمُحَدِّثِ، أَوْ حَدَّثَنِي كَلَامًا أَقُولُ فِيهِ حَدَّثَنَا"1.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ2 قَالَ: "دَخَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ3 ومالك بن أنس4 على الزهري، وعيني الزُّهْرِيِّ بِهِمَا رُطُوبَةٌ وَهُوَ مُنْكَبٌّ5، عَلَى وَجْهِهِ خِرْقَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَا: كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ " فَقَالَ: "لَقَدْ أَصْبَحْتُ وَأَنَا مُعْتَلٌّ مِنْ عَيْنِي فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ جِئْنَاكَ لِنَعْرِضَ عَلَيْكَ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِكَ". فَقَالَ: "لَقَدْ أَصْبَحْتُ وَأَنَا مُعْتَل. فَقَالَ: عُبَيْدُ اللَّهِ اللَّهُمَّ غَفْرًا، وَاللَّهِ مَا كُنَّا نَصْنَعُ بِكَ هَذَا حِينَ كُنَّا نَأْتِي سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ6، ثُمَّ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: اقْرَأْ يَا مَالِكُ فَرَأَيْتُ مَالِكًا يَقْرَأُ عَلَيْهِ" فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: "حَسْبُكَ عَافَاكَ اللَّهُ ثُمَّ عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَرَأَ" قَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ: "فَرَأَيْتُ مَالِكًا يَقْرَأُ عَلَى الزُّهْرِيِّ".
أُخبرت عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بن دينار 7: "ما رأيت" [168/ب] أحداً أبصر بحديث من الزهري8.
__________
1 وقوله هذا يدل على التسوية بين السماع والعرض. ورُوي ذلك عن علي بن أبي طالب، وابن عباس. وهو مذهب مالك أيضاً كما ستأتي ترجمته رقم 372.
2 ستأتي ترجمته رقم 403.
3ستأتي ترجمته رقم 286.
4ستأتي ترجمته رقم 372.
5 منكب: أي مستلق ووجهه إلى ناحية الأرض. (انظر: تاج العروس 1/443. والمعجم الوسيط 2/771. مادة: كَبَبَ) .
6 يفهم من كلام عبيد الله بن عمر أنهم كانوا لا يأتون الزهري في حياة سالم بن عبد الله، ولمَّا توفي سالم لجأوا إلى الزهري ليتلقوا عنه العلم.
7 هو المكي، أبو محمد الأثرم الجمحي مولاهم، ثقة ثبت مات سنة ست وعشرين ومائة. (انظر: تقريب التهذيب 259) .
8أوردها ابن كثير في البداية والنهاية 9/342. ويضع (أنص) بدل (أبصر) . وابن حجر في تهذيب التهذيب 8/30. بألفاظ مقاربة. وفي 9/448. والسباعي في السنة ومكانتها210.

الصفحة 174