كتاب الطبقات الكبرى - متمم التابعين - محققا

والله لو هَذِهِ المشرُبة1 ثُمَّ مُلِئَتْ إِلَيَّ سُقُفُهَا ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا"2 قَالَ: "إِبْرَاهِيمُ أَنَا أَشُكُّ3 -مَا رَأَيْتُهُ عِوَضًا مِنْ مَالِي، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَهُمَا إِذْ ذَاكَ فِي مَشْرُبَةٍ"4.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ5، قَالَ: "كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقْدَحُ أَبَدًا عِنْدَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي خلع الوليد ابن يَزِيدَ وَيَعِيبُهُ، وَيُذْكَرُ أُمُورًا عَظِيمَةً لَا يَنْطِقُ بِهَا، حَتَّى يَذْكُرَ الصِّبْيَانَ أَنَّهُمْ يخُضّبون6 بِالْحِنَّاءِ، وَيَقُولُ لِهِشَامٍ: مَا يَحِلُّ لَكَ إِلَّا خَلْعُهُ فَكَانَ هِشَامٌ لَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ لِلْعَقْدِ الَّذِي عقد له ولا يسوؤه ما [170/أ] يَصْنَعُ الزُّهْرِيُّ رَجَاءً أَنْ يُؤَلِّبَ7 ذَلِكَ النَّاسَ عَلَيْهِ". قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: "فَكُنْتُ يَوْمًا عِنْدَ هشام في ناحية الفسطاط8 وأسمع ذرو9 كَلَامِ الزُّهْرِيِّ فِي الْوَلِيدِ وَأَنَا أَتَغَافَلُ، فَجَاءَ الْحَاجِبُ" فَقَالَ: "هَذَا الْوَلِيدُ عَلَى الْبَابِ" فَقَالَ: "أَدْخِلْهُ"، فَأَدْخَلَهُ، فَأَوْسَعَ لَهُ هِشَامٌ عَلَى فِرَاشِهِ وَأَنَا أَعْرِفُ فِي وَجْهِ الْوَلِيدِ الْغَضَبَ وَالشَّرَّ فلما استُخلف الوليد بعث
__________
1 المشربة –بضم الراء وفتحها- جمعها: مشربات، ومشارب –وهي الغرقة. (انظر: النهاية لابن الأثير 2/455. وتاج العروس 1/314. مادة: شَرَبَ) .
2 الوَرِقَ: الفضة.
3 أراد أنه يشك بأن الزهري قال ذلك. (انظر: المعرفة والتاريخ 1/630) .
4 أخرجها الفسوي في المعرفة والتاريخ 1/630. بألفاظ مقاربة.
5 ستأتي ترجمة أبي الزناد رقم 224.
6 يخضبون: يلونون شعورهم بالصباغ. (انظر: تاج العروس 1/236. مادة: خَضَبَ) .
7 يؤلب: يحرّ‍َض. (انظر: القاموس المحيط 1/38. مادة: أَلَبَ) .
8 الفسطاط: جمعه فساطيط. وهو بيت من الشَّعْر. (انظر: المعجم الوسيط 2/688. مادة: فَسَطَ) .
9 ذرو: طرف. (انظر: المعجم الوسيط 1/312. مادة: ذَرَوَ) .

الصفحة 183