كتاب الطبقات الكبرى - متمم التابعين - محققا

لقد كانت المدرسة الثقافية في مكة ترتكز على الكتاب والسنة، وما يؤخذ منهما من أحكام فقهية. بالإضافة إلى الأخبار التاريخية. وكان أكثر أخذ ابن سعد في مكة عن سفيان بن عيينة. كما أفاد من الأزرقي في الأخبار التاريخية.
وكان آخر مطاف ابن سعد في تجواله أن عاد إلى بغداد واستقر فيها إلى أن مات.
عقيدته:
عاصر ابن سعد انتعاش حركة المعتزلة في خلافتي المأمون والمعتصم (218-227هـ) إلى أن ضعفت هذه الحركة في أواخر عصر الواثق بالله بن المعتصم (227-232هـ) 1 وخلفه المتوكل إذ بذل الأخير جهداً في قمعها والقضاء عليها.
ففي سنة ثمان عشرة ومائتين كتب الخليفة العباسي المأمون بن الرشيد إلى أبي الحسين إسحاق بن إبراهيم ببغداد، في إمتحان القضاة والشهود والمحدثين بخلق القرآن، فمن أقرَّ أنه مخلوق مُحْدَث خلَّى سبيله، ومن أبى أعلمه به ليأمره فيه برأيه، وطول كتابه بإقامة الدليل على خلق القرآن، وترك الإستعانة بمن امتنع عن القول بذلك، وكان الكتاب في ربيع الأول، وأمره أن يحضر سبعة أشخاص إلى الرقة لأنهم امتنعوا عن الإجابة، منهم محمد بن سعد، ويحي بن معين، وأحمد بن إبراهيم الدورقي. فامتحنهم في خلق القرآن، وهددهم بالقتل إن لم يستجبوا لرغبته، فأجابوه جميعاً بخلق تالقرآن، فأعادهم إلى بغداد، وكتب إلى إسحاق بن إبراهيم أن يشهر أمرهم ويشهد عليهم فأحضرهم إسحاق إلى داره، وشهر قولهم بحضرة المشايخ من أهل الحديث وغيره، فأقروا بذلك، فخلَّى سبيلهم2.
__________
1 انظر: تاريخ الخلفاء للسيوطي 308-341.
2 انظر: تاريخ الطبري 8/634. وتاريخ الموصل للأزدي 412. وتاريخ بغداد 14/15 ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي 470. والكامل في التاريخ لابن الأثير 6/423. والبداية والنهاية لابن كثير 10/272. وطبقات الشافعية الكبرى 2/39.

الصفحة 36