كتاب الطبقات الكبرى - متمم التابعين - محققا

فِي كِتَابِهِ: {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} 1. وَجَنَّتُهُ بَيْتُهُ"2.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: "سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ حَدِيثِهِ، أَسْمَاعٌ هُوَ؟ فَقَالَ: مِنْهُ سَمَاعٌ3، ومنه عرض4، وليس [249/ب] العرض عندنا بأدنى من السماع"5.
__________
1 سورة الكهف. آية 39.
2 والمراد بالجنة في الآية: البستان، لا البيت، ويتضح من ذلك من الآية 32: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً} .
(انظر تفسير الطبري 15/244. والكشاف للزمخشري 2/483. وفتح القدير 3/285. وتفسير القاسمي 11/4057) . ولكن هناك أحاديث كثيرة تبين فضل هذه الآية -والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب- وتوضح أن الجنة أعم من البستان. فقد أخرج الحديث في ذلك.
(أ) الإمام مالك في موطأ 2/934. كتاب صفة النبي صلى الله عليه وسلم 49. باب جامع ما جاء في الطعام والشراب 10. حديث 34 من طريق هشام بن عروة، عن أبيه: أنه كان لا يؤتي بطعام ولا شراب، حتى الدواء، فيطعمه ويشربه، إلا قال: "الحمد لله الذي هدانا ... ما شاء الله لا قوة إلا بالله ... "
(ب) والإمام أحمد في مسنده 2/335. من حديث أبي هريرة، قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا هريرة أَدُلك على كلمة كنز من كنز الجنة تحت العرش؟ ". قال قلت نعم، فِداك أبي وأمي. قال: "أن تقول لا قوة إلا بالله". وسئل عنها أبو هريرة، فقال: هي في سورة الكهف. وتلا الآية.
3 السماع عند المحدثين: سماع لفظ الشيخ سواء كان إملاء، أو تحديثاً من غير إملاء. من حفظ الشيخ، أو من كتاب له. وهو أعلى طرق تحمل الحديث. (انظر: الإلماع للقاضي عياض 69. وفتح المغيث 2/16) .
4 العرض تقدم.
5 أخرجها الحاكم في معرفة علوم الحديث 259. من طريق ابن أبي أويس. والخطيب البغدادي في الكفاية 393. من طريق ابن أبي أويس، ومن طريق ابن وهب. والتسوية بينهما ليس مذهب مالك فقط إنما هو مذهب معظم علماء الحجاز والكوفة ورُوي ذلك عن علي، وابن عباس -رضي الله عنهم- قالا: قرأتك على العالم كقراءته عليك. وبه قال الزهري، وابن عيينة، ويحيى الأنصاري، والقطان وهو مذهب البخاري، وجمهور أهل المشرق، وأبي حنيفة في قول، والشافعي، والإمام مسلم. وغيرهم من أهل البصرة ومصر. وهذه التسوية من باب الرد على من أنكر الرواية بالعرض، وليست من باب التسوية الفعلية، لأن الجمهور على أن السماع أعلى مراتب تحمل الحديث.
(انظر: ترجمة الزهري رقم 70. وترجمة يحيى الأنصاري رقم 244. والمحدث الفاضل 420-429. ومعرفة علوم الحديث 257. والكفاية للخطيب 383-394. والإلماع للقاضي عياض 71-73. وتدريب الراوي 2/14) .

الصفحة 437