كتاب الطبقات الكبرى - متمم التابعين - محققا

قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: "عَجَبًا لِمَنْ يُرِيدُ المحدِّث عَلَى أَنْ يُحَدِّثَهُ مُشَافَهَةً، وَذَلِكَ إِنَّمَا أَخَذَ حَدِيثَهُ عَرْضًا فَكَيْفَ جوَّز ذَلِكَ للمحدِّث، وَلَا يُجَوِّزُ هُوَ لِنَفْسِهِ أَنْ يُعْرَض عَلَيْهِ كَمَا عَرَضَ هُوَ"1.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ الْعُمَرِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي الزِّنَادِ، وَعَبْدَ الْحَكِيمِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرة2، عَنْ قِرَاءَةِ الْحَدِيثِ على المحدِّث3 أو حديثه هو به4 [250/أ] فقالوا: "هو سواء5، وهوعلم بَلَدِنَا".
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِمَالِكٍ: "قَدْ سَمِعْتَ مِائَةَ أَلْفِ حَدِيثٍ". فَقَالَ مَالِكٌ: "مِائَةُ أَلْفِ حَدِيثٍ! أَنْتَ حَاطِبُ لَيْلٍ تَجْمَعُ القَشعَة" فَقَالَ: "مَا القشعة6؟ " قال: "الحطب يجمعه الإنسان بالليل، فربما أخذ معه أفعى فَتَنْهَشَهُ".
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي أويس، قال: "سئل مالك عن الإيمان، يزيد وينقص؟ " فَقَالَ: "يَزِيدُ، وَذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ. فَقِيلَ لَهُ: وَيَنْقُصُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: ولا أريد أن أبلغ هذا"7.
__________
1 أخرجها الحاكم في معرفة علوم الحديث 259. من طريق مطرّف. والخطيب في الكفاية 394 من طريق مطرّف أيضاً.
2 ستأتي ترجمته رقم 389.
3 ويسمى عند المحدثين: العرض، وقد تقدما آنفاً.
4 ويسمى عند المحدثين: السماع. وقد تقدما آنفاً.
5 والتسوية بين العرض والسماع. تقدم الكلام فيهما آنفاً.
6 كانت في الأصل (القشمة) بالميم بدل العين المهملة. ولم أقف على معناها اللغوي، فصححتها لأن القشعة تعني ما تقشع عن وجه الأرض بيدك ثم ترمي به. وهذا يتماشى مع تفسير الإمام مالك لها. والله أعلم. وقال ابن سيده: إراكة قشع؛ ملتفة كثير الورق. (انظر: المحكم والمحيط 1/79. وتاج العروس 5/468. مادة: قَشَع) .
7 وفي حلية الأولياء 6/327 كان مالك يقول: (الإيمان قول وعمل يزيد وينقفص) .

الصفحة 439