كتاب الطبقات الكبرى - متمم التابعين - محققا

كتفاه وارتُكب منه أمر عظيم فَوَاللَّهِ مَا زَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الضَّرْبِ فِي رِفعة عِنْدَ النَّاسِ وَعُلُوٍّ مِنْ أَمْرِهِ وَإِعِظَامِ النَّاسِ لَهُ، وَكَأَنَّمَا كَانَتْ تِلْكَ السِّيَاطُ الَّتِي [251/أ] ضَرَبَهَا حليَّا حُلَّى بِهَا"1.
(قَالَ:2 "وَكَانَ مَالِكٌ يَأْتِي الْمَسْجِدَ وَيَشْهَدُ الصَّلَوَاتِ وَالْجُمُعَةَ وَالْجَنَائِزَ وَيَعُودُ المرضى، ويقضي الحقوق، ويجلس في المسجد، ويجتمع إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ تَرَكَ الْجُلُوسَ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ يُصَلِّي ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ وَتَرَكَ شُهُودَ الْجَنَائِزَ، فَكَانَ يَأْتِي أَصْحَابُهَا فَيُعَزِّيهِمْ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَلَمْ يَكُنْ يَشْهَدُ الصَّلَوَاتِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا الْجُمُعَةَ، وَلَا يَأْتِي أَحَدًا يُعَزِّيهِ وَلَا يَقْضِي لَهُ حَقًّا، وَاحْتَمَلَ النَّاسُ ذَلِكَ كُلَّهُ لَهُ، وَكَانُوا أَرْغَبَ مَا كَانُوا فِيهِ وَأَشَدَّهُ لَهُ تَعْظِيمًا حَتَّى مَاتَ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ رُبَّمَا كُلم فِي ذَلِكَ فَيَقُولُ: "لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَقْدِرُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِعُذْرِهِ"3) 4.
(قَالَ:5 وَكَانَ مَالِكٌ يَجْلِسُ فِي مَنْزِلِهِ عَلَى ضِجَاعٍ6 لَهُ وَنَمَارِقٍ7 مُطَّرحة يُمْنَةً وَيُسْرَةً فِي سَائِرِ الْبَيْتِ، لِمَنْ يَأْتِيهِ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ وَالنَّاسِ، وَكَانَ مَجْلِسُهُ مَجْلِسَ وَقَارٍ وَحِلْمٍ، وَكَانَ مَالِكٌ رَجُلًا مُهِيبًا نَبِيلًا لَيْسَ فِي مَجْلِسِهِ شيء من
__________
1 أوردها ابن قتيبة في المعارف 499. وابن خلكان في وفيات الأعيان 4/137 نقلاً عن الواقدي أيضاً، باختصار يسير ويحذفان أخذه بحديث ثابت الأحنف.
2 أي الواقدي.
3 أوردها كل من ابن قتيبة في المعارف 498. وابن خلكان في وفيات الأعيان 4/136. نقلاً عن الواقدي، وباختصار يسير.
4 تذكرة الحفاظ 1/210. مع اختصار يسير.
5 أي محمد بن عمر الواقدي.
6 الضجاع: فراش يضطجع عليه. (انظر: تاج العروس 5/438. مادة: ضَجَعَ) .
7 نمارق: جمع نُمرُق. وهي وسادة جمعها وسائد. (انظر: المعجم الوسيط 2/954) .

الصفحة 442