كتاب الطبقات الكبرى - متمم التابعين - محققا
والله ما رأيت عبدًا لله قَطُّ كَانَ أَشَدَّ خَوْفًا لِلَّهِ مِنْ عُمَرَ1، وَاللَّهِ إِنْ كَانَ لَيَكُونُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي إِلَيْهِ يَنْتَهِي سُرُورُ الرَّجُلِ بِأَهْلِهِ، بَيْنِي وَبَيْنَهُ لِحَافٌ، فَيَخْطِرُ عَلَى قَلْبِهِ الشَّيْءُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ فَيَنْتَفِضُ كَمَا يَنْتَفِضُ طَائِرٌ وَقَعَ فِي الْمَاءِ، ثُمَّ يَنْشِج2 ثُمَّ يَرْتَفِعُ بُكَاؤُهُ حَتَّى أَقُولَ: وَاللَّهِ لَتَخْرُجَنَّ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ، فَأَطْرَحُ اللِّحَافَ عَنِّي وَعَنْهُ رَحْمَةً لَهُ وَأَنَا أَقُولُ: "يَا لَيْتَنَا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ هَذِهِ الْإِمَارَةِ بَعْدُ الْمَشْرِقَيْنِ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا سُرُورًا مُنْذُ دَخَلْنَا فِيهَا".
قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ3، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ4 قَالَ: "كَانَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ5 رُبَّمَا ذَكَرَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَبَكَى، وَقَالَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَهْلٌ".
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن يونس6، قال: سمعت أبا بكر
__________
1 أوردها الفسوي في المعرفة والتاريخ 1/571، عن مغيرة بن الحكيم، عن فاطمة بنت عبد الملك زوجة عمر بن عبد العزيز. بألفاظ مقاربة، وباختصار. والذهبي في تذكرة الحفاظ 1/120، عن مغيرة بن حكيم أيضا. وبألفاظ مقاربة وباختصار.
2 أي يغص البكاء في حلقه، ويتردد في صدره من غير انتحاب (انظر: التهذيب اللغة 10/540، والمعجم الوسيط 2/921، مادة: نَشَجَ) .
3 هو سعيد بن عامر الضبعي، بضم المعجمة وفتح الموحدة –أبو محمد البصري ثقة صالح، وقال أبو حاتم: ربما وهم. مات سنة ثمان ومائتين وله ست وثمانون. وأخرج له الجماعة. (انظر: تقريب التهذيب123) .
4 هو جعفر بن سليمان هو الضبعي –بضمة المعجمة والفتح الموحدة- أبو سليمان البصري صدوق زاهد لكنه كان يتشيع. مات سنة ثمان وسبعين ومائة، أخرج له البخاري في كتاب الأدب ومسلم والأربعة. (انظر تقريب والتهذيب 55) .
5 هو أبو يحيى البصري الزاهد. صدوق عابد، مات سنة ثلاثين ومائة تقريب التهذيب/326.
6 الكوفي التميمي اليربوعي. ثقة حافظ مات سنة سبع وعشرين ومائتين انظر: تقريب التهذيب14.
الصفحة 90
592