كتاب الطبقات الكبرى - متمم التابعين - محققا

صُهَيْب وَصُهَيْبٌ مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْمَكَانِ الَّذِي هُوَ به. قَالَ: فَمَا أَصْنَعُ جَاءَ كِتَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِيهِمْ، وَاللَّهِ لَوْ جَاءَكَ لَمْ تَجِدْ بُدًّا مِنْ إِنْفَاذِهِ. قَالَ: وَاللَّهِ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تُحْسِنَ فَعَلْتَ وَمَا يَرُدُّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَوْلَكَ، وَإِنَّكَ لَوَالِدٌ فَافْعَلْ فِي ذَلِكَ مَا يُعْرَفُ. فقال: مالك عندي إلا ما قلت لك. فقال إبراهيم بن محمد: واحدة أقولها لك وَاللَّهِ لَا يَأْخُذُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَيْم1 دِرْهَمًا حَتَّى يَأْخُذَ آلُ صُهَيْبٍ قَالَ: فَأَجَابَهُ وَاللَّهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ إِلَى مَا أَرَادَ، وَانْصَرَفَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَأَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ2 وَهُوَ مَعَهُ، فَقَالَ: لَا يَزَالُ فِي قُرَيْشٍ عِزٌّ مَا بَقِيَ هَذَا، فَإِذَا مَاتَ هذا ذَلَّت قريش".
قال: وأخبرنا محمد [147/أ] بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: "أُمِرَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ بِالْعَطَاءِ فِي خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمْ يُتِمَّ مِنَ الْفَيْءِ3. فَأَمَرَ هِشَامٌ أَنْ يُتِمَّ مِنْ صَدَقَاتِ الْيَمَامَةِ4، فحُمل إِلَيْهِمْ وَبَلَغَ ذَلِكَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا نَأْخُذُ عَطَاءَنَا مِنْ صَدَقَاتِ النَّاسِ وَأَوْسَاخِهِمْ حَتَّى نَأْخُذَهُ مِنَ الْفَيْءِ. وَقَدِمَتِ الْإِبِلُ تَحْمِلُ ذَلِكَ المال فخرج
__________
1 بنو تيم: هنا عشيرة من قريش. ينسب إليها عدد كبير من الصحابة والتابعين والنسبة إليهم تيميّ.
(انظر: اللباب لابن الأثير 1/233) .
2 ابن ياسر الراوي. كان إخبارياً عالماً بالنسب قتله وقتل أباه المختار. (انظر: تاريخ الطبري 2/459،476. وجمهرة أنساب العرب 406) .
3 الفيء: ما دخل بيت مال المسلمين من الجزية، التي تفرض على رقاب غير المسلمين، ومن الغنيمة التي تؤخذ من المحاربين صلحاً أو قسراً، وغالباً ما تكون في الأرضين أوالعقار. (انظر: الخراج لابن يوسف 25. والخراج ليحيى بن آدم 17. والخراج والنظم المالية للريس 112) .
4 اليمامة: اسم بلد في شبه الجزيرة العربية تبعد عن البحرين مسيرة عشرة أيام وكانت تدعى جوا. ومنها خرج مسيلمة الكذاب، فتحت سنة اثنتي عشرة في أيام الصديق رضي الله عنه. (انظر: فتوح البلدان للبلاذري 119، ومعجم البلدان 5/441، وتقويم البلدان لأبي الفداء 96-97) .

الصفحة 97