كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء

قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه يجب على العاقل إذا كان مبتدئا أن يلزم عند ورود الشدة عَلَيْهِ سلوك الصبر فإذا تمكن منه حينئذ يرتقي من درجة الصبر إلى درجة الرضا فإن لم يرزق صبرا فليلزم التصبر لأنه أول مراتب الرضا ولو كان الصبر من الرجال لكان رجلا كريما إذ هو بذر الخير وأساس الطاعات
ولقد أخبرني مُحَمَّد بْن سَعِيد القزاز حَدَّثَنَا طاهر بْن الفضل بْن سَعِيد حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عبينه قَالَ سمعت رجلا من أهل الكتاب أسلم قَالَ أوحى اللَّه إلى داود يا داود اصبر على المؤنة تأتك مني المعونة
وأنشدني عَبْد اللَّه بْن الأحوص بْن عمار القاضي ... صبرا جميلا على مَا ناب من حدث ... والصبر ينفع أحيانا إذا صبروا
الصبر أفضل شيء تستعين به ... على الزمان إذا مامسك الضرر ...

وأنشدني إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن سهل أنشدني أَبُو يعلى الموصلي ... إني رأيت وفي الأيام تجربة ... للصبر عاقبة محمودة الأثر
وقل من جد في شيء يحاوله ... فاستصحب الصبر إلا فاز بالظفر ...

وأنشدني عَبْد العزيز بْن سليمان الأبرش ... أتاك الروح والفرج القريب ... وساعدك القضاء فلا تخيب
صبرت فنلت عقبى كل خير ... كذاك لكل مصطبر عقيب ...

أنبأنا عمرو بْن مُحَمَّد الأنصاري حَدَّثَنَا الغلابي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن علي قَالَ سمعت مضر أبا سَعِيد يقول قَالَ عَبْد الواحد بْن زيد مَا أحببت أن شيئا من الأعمال يتقدم الصبر إلا الرضا ولا أعلم درجة أشرف ولا أرفع من الرضا وهو رأس المحبة
قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه الصبر جماع الأمر ونظام الحزم ودعامة العقل وبذر الخير وحيلة من لا حيلة له
وأول درجته الاهتمام ثم التيقظ ثم التثبت ثم التصبر ثم الصبر

الصفحة 161