كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء

ثم الرضا وهو النهاية في الحالات
ولقد أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن عثمان العقبي حَدَّثَنَا شعيب بْن عَبْد اللَّه البزار حَدَّثَنَا غيلان عَن معبد عَن أَبِي المليح عَن ميمون بْن مهران قَالَ مَا نال عَبْد شيئا من جسم الخير من نبي أو غيره إلا بالصبر
وأنشدني المنتصر بْن بلال الأنصاري ... فما شدة يوما وإن جل خطبها ... بنازلة إلا سيتبعها يسر
وإن عسرت يوما على المرء حاجة ... وضاقت عَلَيْهِ كان مفتاحها الصبر ...

وأنشدني علي بْن مُحَمَّد البسامي ... تعز فإن الصبر بالحر أجمل ... وليس على ريب الزمان معول
فإن تكن الأيام فينا تبدلت ... بنعمى وبؤسى والحوادث تفعل
فما لينت منا قناة صليبة ... ولا ذللتنا للذي ليس يجمل
ولكن رحلناها نفوسا كريمة ... تحمل مالا تستطيع فتحمل ...

وأنشدنا عمرو بْن محمد الأنصاري أنشدنا الغلابي ... إني رأيت الخير في الصبر مسرعا ... وحسبك من صبر تحوز به أجرا
عليك بتقوى اللَّه في كل حالة ... فإنك إن تفعل تصيب به ذخرا ...

قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه الصبر على ضروب ثلاثة فالصبر عَن المعاصي والصبر على الطاعات والصبر عند الشدائد المصيبات فأفضلها الصبر عَن المعاصي
فالعاقل يدبر أحواله بالتثبت عند الأحوال الثلاثة التي ذكرناها بلزوم الصبر على المراتب التي وصفناها قبل حتى يرتقي بها إلى درجة الرضا عَن اللَّه جل وعلا في حال العسر واليسر معا أسأل اللَّه الوصول إلى تلك الدرجة بمنه

الصفحة 162