كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء

والواجب على العاقل السالك سبيل ذوي الحجى أن يعلم أن المشاورة تفشي الأسرار فلا يستشير إلا اللبيب الناصح الودود الفاضل في دينه وإرشاد المشير المستشير قضاء حق النعمة في الرأي والمشورة لا تخلو من البركة إذا كانت مع مثل من وصفنا نعته
ولقد أَنْبَأَنَا عمرو بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا الْغَلابِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ عَائِشَةَ قَالَ قَالَ الحسن مَا حزب قوما قط أمر فاجتمعوا فتشاوروا فيه إلا أرشدهم الله لأصوبه وأنشدني الكريزي ... دبر إذا مَا رمت أمرا بفكرة ... لتعلم مَا تأتي وما تتجنب
وشاور نقي الرأي عند التباسه ... لكي يضح الأمر الذي هو أصوب ...

وأنشدني المنتصر بْن بلال ... لا تسبقن الناس بالرأي واتئد ... فإنك إن تعجل إلى القول تزلل
ولكن تصفح رأي من كان حاضرا ... وقل بعدهم رسلا وبالحق فاعمل ...

أنبأنا مُحَمَّد بْن عثمان العقبي حدثني يحيى بن زيد بْن مُحَمَّد الأبلي حدثني إِسْمَاعِيل بْن حبيب أَبُو حميد الأبلي عن عبد الله بن الايلمي عَن وهب بْن منبه أنه قَالَ في التوراة أربعة أحرف مكتوبة من لم يشاور يندم ومن استغنى استأثر والفقر الموت الأحمر وكما تدين تدان
قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه لا أَنَس آنس من استشارة عاقل ودود ولا وحشة أوحش من مخالفته لأن المشاورة والمناظرة بابا بركة ومفتاحا رحمة من استشير فليشر بالنصيحة وليجتهد بالرأي وليلزم الحق وقصد السبيل وليجعل المستشير كنفسه بترك الخيانة وبذل النصيحة وليكن كما أنشدني علي ابن محمد البسامي

الصفحة 192