كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء

ثم يختار من الرعية أقواما أمناء يبعث بهم في كل سنة إلى المدن ليشرفوا على العمال والحكام ويتفقدوا أسبابهم وسيرهم ويخبروه بها فيعزل من استحق منهم العزل ويقر من اتبع الحق
ثم يجعل لنفسه موضعا لا يمنع منه لطرح القصص ويبرز للرعية في كل يوم مرة أو في كل ثلاثة أيام أو في كل أسبوع ليرفعوا إليه حوائجهم وليجتنب الحدة وليلزم الحلم الدائم فيما يرد عليه من أسبابهم
ولقد حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن قحطبة حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن زنبور حدثنا أبو بكر ابن عياش أن أهل الجاهلية لم يكونوا يسودون عليهم أحدا لشجاعة ولا لسخاء إنما كانوا يسودون من إذا شتم حلم وإذا سئل حاجة قضاها أو قام معهم فيها
وأنشدني الأبرش ... وقد يبغض الحيات أولاد آدم ... وأبغض مَا فيها إليهم رءوسها
وما ابتليت يوما بشر قبيلة ... أضر عليها من سفيه يسوسها ...

قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه لا يستحق أحد اسم الرياسة حتى يكون فيه ثلاثة أشياء العقل والعلم والمنطق
ثم يتعرى عَن ستة أشياء عَن الحدة والعجلة والحسد والهوى والكذب وترك المشاورة
ثم ليلزم في سياسته على دائم الأوقات ثلاثة أشياء الرفق في في الأمور والصبر على الأشياء وطول الصمت
فمن تعرى عَن هذه الأشياء وهو ذو سلطان عمي عَلَيْهِ قلبه وتشتتت عَلَيْهِ أموره ومن لم يكن فيه خصلة من هذه الخصال نقص من ضوء بصر قلبه مثلها الخلل في أموره نحوها
وإنما مثل الرئيس والرعية كمثل جماعة ليس فيهم إلا قائد واحد فإن لم يكن

الصفحة 272