كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء

وهيهات من ذا صحب السلطان فلم يفتتن ومن اتبع الهوى فلم يعطب إن الشجرة الحسنة ربما كان سبب هلاكها طيب ثمرتها وربما كان ذنب الطاووس الذي في جماله سبب حتفه لأنه يثقله حتى يمنعه من الهرب ومن صحب السلطان لم يأمن التغيير على نفسه لأن الأنهار إنما تكون عذبة مَا لم تنصب الى البحور فإذا وقعت في البحور ملحت على أن قعود العلماء عَن أبواب الملوك زيادة في نور علمهم وكثرة غشيانهم إياهم غشاوة على قلوبهم ومن صحب الملوك لم يأمن تغيرهم ومن زايلهم لم يأمن تفقدهم وإن قطع الأمور دونهم لم يأمن فيها مخالفتهم وإن عزم على شيء لم يجد بدا من مؤامرتهم وأسمج شيء بالملوك الحدة
ولقد حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الحسن بْن عَبْد الجبار الصوفي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن معين حَدَّثَنَا المبارك بْن سَعِيد الثوري قَالَ كان يقال خمس خلال هن أقبح شيء بمن كن فيه الحدة في السلطان والكبر في ذي الحسب والبخل في الغنى والحرص في العالم والفتوة في الشيخ
قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه رؤساء القوم أعظمهم هموما وأدومهم غموما وأشغلهم قلوبا وأشهرهم عيوبا وأكثرهم عدوا وأشدهم أحزانا وأنكاهم أشجانا وأكثرهم في القيامة حسابا وأشدهم إن لم يعف اللَّه عنهم عذابا
ومن أحسن مَا يستعين به السلطان على أسبابه اتخاذ وزير عفيف ناصح على مَا تقدم ذكرنا له فإن الوزير إذا غفل الأمير ذكره وإن ذكر أعانه وإن سولت له نفسه سيئة صده وإن أراد طاعة نشطه فهو المحبب له الى الناس والمستجلب له دعائهم
ولقد أنشدني علي بْن مُحَمَّد البسامي ... إذا نسى الأمير قضاء حق ... فإن الذنب فيه للوزير
لأن على الوزير إذا تولى ... أمور الناس تذكير الأمير ...

قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه الواجب على كل من يغشى السلطان وامتحن

الصفحة 275