كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء

.. ولا آلف إلا سيتبع إلفه ... ولا نعمة إلا تبيد وتذهب
وما من معان والمصائب جمة ... يعاورها العصران إلا سيعطب
أرى الناس أصنافا أقاموا بعربة ... تقلبهم أيامها وتقلبوا
بدار غرور حلوة يعمرونها ... وقد عاينوا فيها زوالا وجربوا
يذمون دنيا لا يريحون درها ... فلم أر كالدنيا تذم وتحلب
تسرهم طورا وطورا تذيقهم ... مضيض مكاو حرها يتلهب ...

حدثنا عمرو بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا الغلابي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه قَالَ عاد رجل مريضا فسمع قائلا يقول من ناحية البيت ... ناد رب الدار ذا المال الذي ... جمع الدنيا بحرص مَا فعل ...

فأجابه مجيب ... كان في الدار سوها داره ... عللته بالمنى ثم انتقل
لم يمتع بالذي كان حوى ... من حطام المال إذا حل الأجل
إنما الدنيا كظل زائل ... طلعت شمس عَلَيْهِ فاضمحل ...

قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه رأيت على حجر بطبرستان مكتوب ... العيش لونان فحلو ومر ... والدهر نصفان فريف وضر
والنطق جزآن فبعر ودر ... والناس اثنان فنذل وحر
يومك يومان فخير وشر ... نهار يزول وليل يكر
وكذاك الزمان على من مضى ... وكل السنين على ذا تمر ...

وأنشدني الأبرش ... إنما الدنيا نهار ... ضوئها ضوء معار
بينما غصنك عض ... ناعم فيه اخضرار ...

الصفحة 279