كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء

.. إذ رماه زمناه ... فإذا فيه اصفرار
وكذلك الليل يأتي ... ثم يمحوه النهار ...

وأنشدني ابن زنجي البغدادي ... يا لائم الدهر إذا مَا نبا ... لا تلم الدهر على غدره
الدهر مأمور له آمر ... ينصرف الدهر إلى أمره
كم كافر بالله أمواله ... تزداد أضعافا على كفره
ومؤمن ليس له درهم ... يزداد إيمانا على فقره
لا خير فيمن لم يكن عاقلا ... يبسط رجليه على قدره ...

وأنشدني الكريزي ... ما الدهر إلا ليلة ويوم ... والعيش إلا يقظة ونوم
يعيش قوم ويموت قوم ... والدهر قاض مَا عَلَيْهِ لوم ...

أنبأنا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سلم حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن أَبِي الحواري حَدَّثَنَا إِسْحَاق الموصلي قَالَ قَالَ أَبُو حازم بضاعة الآخرة كاسدة فاستكثر منها في أوان كسادها فإنه لو جاء أوان نفاقها لم تصل منها لا إلى قليل ولا إلى كثير
قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه الدنيا بحر طفاح والناس في أمواجها يعومون وفي أمثال تضربها الأيام للأنام وما أكثر أشباهها منها لأن كل مَا يصير إلى فناء منها يشبهها فمن أوتي من الدنيا أشياء ثلاثة فقد أوتي الدنيا بحذافيرها الأمن والقوت والصحة لا يغتر بشيء منها إلا كل خداع ولا يركن إليها إلا كل مناع
فالعاقل يعلم أن مَا لم يبقى لغيره عَلَيْهِ غير باق وأن مَا سلب عَن غيره لا يترك عَلَيْهِ فالقصد إلى مَا يعود بالنفع في الآخرة للعاقل من الدنيا أحرى من السلوك في قصد الضن بها والجمع لها من غير تقديم ما يقدم عَلَيْهِ في الآخرة من الأعمال الصالحة وتركك الاغترار بها والاعتبار بتقلبها بأهلها ولا شيء أعظم خطرا من

الصفحة 280