الشرعية! ثم أبطل هذا بأنه يستحيل إقامة الدليل العقلي أو الشرعي على إثبات قول العالم المقلَّد دليلا شرعيا، لأن الدليل المثبت لذلك لا بد أن يكون قطعيا كما ثبت القياس وغيره من طرق الاجتهاد بالأدلة القاطعة على حجيتها، وليس على صحة كون قول المقلَّد دليلا شرعيا شيءٌ من الأدلة القطعية كنص الكتاب أو نص سنة أو إجماع.
ثم قال: "وتتأكد هذه الدلالة بأصل نوضحه فنقول: لا ينتصب الشيء دليلا وعَلَما في الشرعيات إلا بدلالة قاطعة، فإنه لو ثبت بما لا يقطع لاحتيج إلى إثبات مثبته ثم يتسلسل القول فيه إلى ما لا يتناهى" قال: "فهذه هي الدلالة السديدة وما عليها معترض"1.
- وقال الغزالي2 - رحمه الله - عند الكلام على حجية قول الصحابي: "ونحن أثبتنا القياس والإجماع وخبر الواحد بطرق قاطعة لا بخبر الواحد، وجعل قول الصحابي حجةً كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وخبره
__________
1 تلخيص التقريب للقاضي أبي بكر الباقلاني لخصه إمام الحرمين الجويني ج3/419 وانظر ما سبق قبلُ 3/417-419.
2 هو محمد بن محمد بن محمد، أبو حامد، حجة الإسلام الغزالي، كان إماما في الفقه وأصوله والكلام وغيره، له تصانيف كثيرة منها: المنخول والمستصفى كلاهما في أصول الفقه، والوسيط والوجيز كلاهما في الفقه، والأربعين في أصول الدين، وإحياء علوم الدين، وتهافت الفلاسفة، توفي سنة (505) . انظر سير أعلام النبلاء19/322-347 وطبقات الشافعية لابن السبكي6/191-389 والفتح المبين في طبقات الأصوليين2/8-10.