كتاب الإشراف على نكت مسائل الخلاف (اسم الجزء: 2)

[857] مسألة: العلة في تحريم التفاضل في الأعيان الأربعة أنها جنس مأكول على وجه تمس إليه الحاجة من القوت وما يصلحه من المدخرات. وقال أبو حنيفة: العلة أنه جنس مكيل أو موزون، وقال الشافعي جنس مطعوم. فدليلنا على صحة علتنا أن الغرض بالنص على الأربعة المسميات أن يستفاد به معنى لا يعلم مع عدمه ولا مع نصه على غيره، فلو أراد مجرد الطعم على ما يقول الشافعي لاقتصر على واحد منها لتساوي الأكل في جميعها إذ لا اعتبار عنده باختلاف صفاته، وكذلك لو أراد مجرد الكيل والوزن لاقتصر على واحد منهما، ولا يصح أن يعكس علينا في القوت؛ لأنا نستفيد بنصه - صلى الله عليه وسلم - على كل واحد من الأعيان الأربعة ما لا نستفيده بنصه على أحدها، وهو أنه نبه بالبر على كل مقتات تعم الحاجة إليه وتقوم الأبدان بتناوله، ونص على الشعير منبهاً به على مساواته للبر، وكل ما في معناه مما يقتات حال الضرورة كالذرة والدخن وغيرهما، وإن انفراد كونه علفاً للبهائم لا يخرجه عن حكم القوت، وأن الربا لا يتعلق بما يقتات حال الرفاهة والسعة دون حال الضرورة والشدة، وذكر التمر منبهاً به على العسل والزبيب والسكر وكل حلاوة مدخرة غالباً للاقتيات، وأن الربا يتعلق بنوع الحلاوات وذكر الملح تنبيهاً على الأبازير وما يتبع الاقتيات ويصلح المقتات، وأن الربا ليس بمقصور على نفس القوت دون ما يصلحه ويتبعه. فقد بان بما ذكرناه أن نصه على كل واحد منها أفاد ما لا يفيده اقتصاره على واحدها. وليس هذا مستفاداً مع التعليل بمجرد الأكل والكيل لأن ذلك يختلف

الصفحة 528