كتاب الإشراف على نكت مسائل الخلاف (اسم الجزء: 2)

الربا؛ لأن التحريم يفتقر إليه، وقيل لأن كل جنس حرم التفاضل في كثيره حرم في قليله كالذهب والفضة، وفي هذه الطريقة نظر على الأصول. ولأن العلة فرع الأصل المنتزعة منه فإذا عادت بمخالفته دل على بطلانها؛ لأنا إنما نستخرجها لنرد بها ما سكت عنه إلى ما نطق به لا لنخرج بها بعض المنطوق وهذه صفة علة؛ لأن الخبر عام في كل طعام وعلتهم تخصه، فيقصر تحريم التفاضل على بعضه، وهو قدر ما يتأتى كيله، وإذا عادت العلة بمخالفة أصلها بطلت. ولأن الكيل قد ثبت كونه علماً على التحليل بقوله: "إلا كيلاً بكيل" فلا يجوز أن يكون جالباً لضده الذي هو التحريم؛ لأن الشيء إذا كان علماً على حكم لم يكن علماً على ضده، ألا ترى أن الحيض لما كان علماً على سقوط فرض الصلاة لم يكن علماً على وجوبها، وكذلك الجنون. ولأن الجنس إذا كان فيه الربا بعلة، لم ينتقل عنها بتنقل أحواله وتغيرها، كالذهب والفضة لما كانت علتها عند المخالف الوزن لم ينتقل حكم الربا عن النقار والتبر بالسكة والصياغة، بل كان ثابتاً فيها بتلك العلة، فإذا ثبت ذلك فلا تخلو الحنطة إذا طحنت أو خبزت أن يكون الربا ثابتاً؛ فيها أو غير ثابت فإن كان زائلاً عنها حصل في ذلك أن اختلاف الصفات على ما فيه الربا يغير الحكم. وذلك خلاف الأصول، وإن كان ثابتاً فيها كان بعلة أخرى وهو الوزن، وقد بينا أن

الصفحة 530