كتاب الفن ومذاهبه في الشعر العربي

ومن يرجع إلى ديوانه يجد أكثره في المديح، ومعانيه فيه هي نفس المعاني التي نلقاها في الشعر العربي عند العباسيين ومن قبلهم، وإن كنا نلاحظ في مديحه للمعز وقوفًا طويلًا عند صفاته الإمامية، وشعره في هذه الناحية مرجع مهم لمن يبحثون في العقيدة الفاطمية وكل ما كان يؤمن به دعاتهم من صفات عُلْوية في الإمام؛ إذ كانوا يؤمنون بأنه معصوم وأنه عالم بالظاهر والباطن وأنه يكون شفيعًا لأوليائه يوم القيامة، ولا يزالون به حتى يضعوه فوق البشر ويضفون عليه من القدسية والجلال ما يجعله روحًا من الله، بل ما يجعله سبب الوجود وعلة الحياة. وتكثر هذه المعاني وما يتصل بها في شعر ابن هانئ كثرة مفرطة كقوله1:
وما كُنْهُ هذا النورِ نورِ جبينه ... ولكنَّ نورَ اللهِ فيه مشاركُ
وقوله2:
ولله علمٌ ليس يحجبُ دونَكُمْ ... ولكنَّهُ عن سائرِ الناسِ محجوبُ
وقوله3:
مؤيدٌ باختيارِ اللهِ يصحبُهُ ... وليس فيما أراه اللهُ من خَلَلِ
وقد شهدتُ له بالمعجزات كما ... شهدت لله بالتوحيدِ والأزلِ
وقوله4:
أرى مدحه كالمدح لله إنه ... قنوتٌ وتسبيحٌ يحطُّ به الوزْرُ
وقوله5:
هو علَّةُ الدُّنيا ومن خُلقت له ... ولعلة ما كانت الأشياءُ
وقوله6:
ما شئتَ لا ما شاءتِ الأقدارُ ... فاحكمْ فأنتَ الواحدُ القهارُ
وقوله حين نزل المعز بمدينة رقادة بجوار القيروان7:
__________
1 الديوان "طبعة زاهد علي" ص511.
2 الديوان ص66
3 الديوان ص95.
4 الديوان ص342.
5 الديوان ص15.
6 الديوان ص365.
7 الديوان ص817

الصفحة 420