كتاب الفن ومذاهبه في الشعر العربي

واستخدمته الأقاليم في آدابها الشعبية.
والحق أن الموشحات والأزجال جميعًا لم تحدثا ثورة واسعة على الأوضاع القديمة في الصياغة الفنية للشعر الفصيح، وربما كان ذلك يرجع في بعض أسبابه إلى أن الأندلس لم تعرف التفكير العميق الدقيق، أو على الأقل لم يعرفه شعراؤها، ولذلك استمروا عند المحاكاة والتقليد، ولعله من أجل ذلك كنت لا تجد عندهم كتابًا قيمًا يعرض لشاعر بتحليل فنه وبيان منهجه، وأنت أيضًا قلما وجدت عندهم شاعرًا متفلسفًا يتخذ له منهجًا واضحًا في عمله؛ إنما هم ينقلون ويلفقون لا عن انتخاب بل كما يقع لهم، وكما يعلمهم أساتذتهم من المشارقة، وقد أخذوا يصنعون بالموشحات والأزجال ما صنعوه بقصائدهم من الخلط فيها بين صياغات مذاهب الصنعة والتصنيع والتصنع، وظلوا يستمدون في دلالالتها وصياغاتها من معين المشرق ومذاهبه الفنية.

الصفحة 455