كتاب الفن ومذاهبه في الشعر العربي

نشأة التورية، ونتعرف أكثر مما صنعنا -حتى الآن- على حقيقة العصر الفاطمي.
الشَّريفُ الْعُقَيلِي:
الشريف أبو الحسن علي بن حيدرة العقيلي، أهم شاعر ظهر بمصر في النصف الأول من القرن الخامس الهجري. يقول ابن سعيد: سألت عنه جماعة من أهل مصر، فلم أَرَ فيهم من يتحقق أمره، وقال لي أحد الشرفاء المعنيين بأنساب الشرف هو من ولد عقيل بن أبي طالب، كان في المائة الرابعة، وكان له متنزهات بجزيرة الفسطاط، ولم يكن يشتغل بخدمة سلطان ولا مدح أحد، ثم وقفت في الخريدة على ترجمته، فدل على أنه متأخر العصر عن المائة الرابعة، وذكر أنه من ولد عقيل بن أبي طالب، من أهل مصر وأنشد له:
كأن الثُّريا والهلالُ أمامَها ... يدٌ مدَّها رامٍ إلى قوسِ عَسْجَدِ
ثم وقع لي ديوان1 شعره فنقلت منه ما يشهد بعلو قدره وهو من أئمة المشبِّهين"2. وحقًّا إن الخريدة لا تعنى غالبًا إلا بمن عاشوا في المائة الأخيرة من العصر الفاطمي، على أننا نجد صاحب اليتيمة المتوفى عام 429 للهجرة يترجم له في يتيمته3، كما نجد المقريزي يروي أنه أنشد المستنصر شعرًا له في العام الذي بدأت فيه سنين المجاعة بمصر4، وهو عام 442 للهجرة ونستطيع أن نستنتج من ذلك كله أنه كان يعيش في النصف الأول من القرن الخامس الهجري.
والشريف العقيلي شخصية طريفة في الشعر الفاطمي، بل في الشعر المصري العام، فقد روى له صاحب المغرب قطعة طويلة من شعره، وهي -مثل ديوانه- تُرينا أنه كان شاعرًا ممتازًا من شعراء الطبيعة، حقًّا سبقه في ذلك الموضوع ابن وكيع فقد
__________
1 طبع هذا الديوان في القاهرة، بتحقيق زكي المحاسني.
2 المغرب "السفر الأول من قسم مصر" ص205.
3 يتيمة 1/ 372.
4 خطط المقريزي 1/ 489.

الصفحة 483