كتاب الفن ومذاهبه في الشعر العربي

والأنصاري وابن أبي لهب، كما يوجد في بلاط ابنة الوليد معبد وعَطَرَّد ومالك وابن عائشة ودحمان الأشقر وعمر الوادي وحكم الوادي ويونس الكاتب والهذلي والأبجر وأشعب بن جابر وأبو كامل الغزيل ويحيى قَيْل1، ونجد بجانب هؤلاء كثيرًا من المغنيات.
وكان لهذا أثره في الشعر الشامي؛ فقد شاع الغناء والرقص والطرب وبخاصة في قصور الخلفاء، وأثَّر ذلك في الشعر وخاصة في عصر يزيد بن عبد الملك الذي قال عنه أبو حمزة الخارجي في خطبته إنه: "يشرب الخمر ويلبس الحلة قوِّمت بألف دينار ... حبابة عن يمينه وسلَّامة عن يساره تغنيانه؛ حتى إذا أخذ الشراب منه كل مأخذ قدَّ ثوبه ثم التفت إلى إحداهما فقال ألا أطير"2.
وروى صاحب الأغاني أن معبدًا غناه صوتًا فاستخفه الطرب حتى وثب، وقال لجواريه: افعلن كما أفعل، وجعل يدور في الدار ويَدُرْنَ معه وهو يقول من الرَّجز:
يا دار دوريني ... ياقَرْقَرُ امسكيني
آليت منذُ حين ... حقًّا لتصرميني
ولا تواصليني ... بالله فارحميني
لم تذكري يميني! 3
وليس من شك في أن هذا "شعر إيقاعي" قيل في أثناء هذا الدوران والرقص. وصنيع الوليد بن يزيد في هذا الباب أوسع من صنيع أبيه، يقول عنه صاحب الأغاني: "وله أصوات صنعها مشهورة وقد كان يضرب بالعود ويوقع بالطبل ويمشى بالدفّ على مذهب أهل الحجاز"4. وهو إلى ذلك كان شاعرًا يحسن الشعر، وأكثر من نظمه على الأوزان القصيرة التي أشاعها الغناء.
__________
1 H.G. Farmer, History of Arabic Music,pp. 63, 64.
2 البيان والتبيين 2/ 123.
3 أغاني "دار الكتب" 1/ 68.
4 أغاني "دار الكتب" 9/ 274.

الصفحة 58