كتاب الفن ومذاهبه في الشعر العربي

لمذهب الخليل في العروض، وكذلك قصيدة عدِيّ بن زيد العبادي:
قد حان أن تصحو لو تقصر ... وقد أتى لما عهدت عُصُرْ1
ومن ذلك قصيدة المرقش:
هل بالديار أن تجيب صَمَم ... لو أن حيا ناطقًا كلَّم
فإنها غير مستقيمة الوزن كما يلاحظ صاحب الصناعتين2. ومن ذلك نونية سُلْميّ بن ربيعة السابقة:
إن شِواءً ونشوة ... وخَبَبَ البازل الأمون
فقد لاحظ التبريزي أنها خارجة عن العروض التي وضعها الخليل3. وهناك قطع صغيرة منتشرة في كتب الأدب من الصعب أن تضبط على أوزان الخليل؛ ولكن مهما يكن فإن جهده في هذا الباب كان ممتازًا.
وصنيع الغناء في أوزان الشعر العباسي يجعلنا نفكر فيما يمكن أن يكون قد صنعه في القوافي؛ إذ استحدث العباسيون المزدوج والمسمَّط4، أما المزدوج فلعل أول من استخدمه بشار بن برد5، وأخذ الشعراء يستخدمونه من حوله وبعده في الشعر التعليمي، كما نرى في قصيدة بشر بن المعتمر التي رواها الجاحظ له في كتابه الحيوان6، ولا نراه يشيع في الشعر الغنائي، وهو يتألف من شطرين على قافية ثم من شطرين آخرين وهكذا. وأما المسمَّط فيصاغ في أدوار متخالفة القوافي؛ غير أن كل دور يختم بشطر يتحد مع الدور الأول في قافيته. على أننا نجد في ديوان ابن المعتز منظومة على طراز الموشحات الأندلسية تمضي على هذا النحت:
أيا الساقي إليك المشتكى ... قد دعوناك وإن لم تسمع
ونديم همت في غُرَّتِهِ
وبشرب الراح من راحته
__________
1 الفصول والغايات ص131.
2 الصناعتين "طبعة عيسى الحلبي" ص3.
3 التبريزي على الحماسة 3/ 83.
4 نقد النثر لقدامة ص64.
5 أغاني "طبع دار الكتب" 3/ 145.
6 الحيوان 6/ 455.

الصفحة 75