كتاب الفن ومذاهبه في النثر العربي

وفي مكة سبعة عشر كاتبا1، وفي المدينة أحد عشر2، وكان بين البدو من يعرف الكتابة مثل أكثم بن صيفي3 حكيم وخطيبها، وكان ابن أخيه حنظلة بن الربيع من كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم4. ومن الشعراء المتبدين الذين اشتهروا بمعرفة الكتابة في هذا العصر المرقش الأكبر5 وهو من بكر، ولبيد6 بن ربيعة، وهو من بني عامر بن صعصعة. ولعل من الدليل على شيوع الكتابة بين البدو أننا نجد شعراءهم يصفون الأطلال كثيرا بنقوش الكتابة، يقول المرقش في فاتحة قصيدة له معروفة7:
الدار قفر والرسوم كما ... رقش في ظهر الأديم قلم
ويقول لبيد في مطلع معلقته:
عفت الديار محلها فمقامها ... بمنى تأبد غولها ورجامها8
فمدافع الريان عري رسمها ... خلقا كما ضمن الوحي سلامها9
والوحي: الكتابة، والسلام: الحجارة البيض والعظام التي كانوا يكتبون عليها، وكانوا يكتبون أيضا في الأدم أولا الأديم الذي مر عند المرقش وهو الجلد المدبوغ، كما كانوا يكتبون في عسب النخل، ويستمر لبيد في معلقته، فيقول:
وجلا السيول عن الطلول كأنها ... زبر تجد متونها أقلامها
__________
1 فتوح البلدان للبلاذري "طبعة أوربا" ص 471.
2 نفس المصدر ص 473.
3 مجمع الأمثال للميداني "طبعة المطبعة الخيرية" 2/ 87، وقارن بما جاء في عيون الأخبار لابن قتيبة "طبعة دار الكتب" 1/ 42.
4 الوزراء والكتاب للجهشياري "طبعة الحلبي ص 212".
5 الشعر والشعراء لابن قتيبة "طبع ليدن" ص 104.
6 أغاني "طبعة الساسي" 14/ 90.
7 المفضليات "طبعة لايل" ص 485.
8 عفت: أرست وامحت. تأبد: أقفر وتوحش. محلها ومقامها ومنى وغولها ورجامها: أسماء مواضع.
9 مدافع الريان: موضع. خلقا: بلي ودروسا. الرسم: آثار الديار.

الصفحة 18