كتاب الفن ومذاهبه في النثر العربي

القرن الرابع للهجرة من أنه رأى في المسجد الجامع بها مائة مجلس وعشرة1، ويقول ناصر خسرو: إن من رآهم في مسجد الفسطاط، لا يقلون في أي وقت عن خمسة آلاف من طلاب العلم والغرباء، والكتاب الذين يحررون الصكوك والعقود2.
وهذه النهضة العلمية كان يؤازرها نهضة أدبية واسعة أيضًا، فقد كان الفاطميون يرون من الضروري لدعوتهم أن يكون حولهم مجموعة نفيسة من الشعراء، والكتاب تنافح عن مذهبهم، وقد أتوا من المغرب، وفي ركابهم ابن هانئ الأندلسي يريدون أن يفخروا به، ويشعره على المشرق، كما قال المعز أول خلفائهم بمصر3، وهو فخر لم يقفوا به عند ابن هانئ، فقد عرفوا كيف يذيعون في مصر نشاطًا واسعًا في الشعر، وصنعه بفضل جوائزهم ومكافآتهم، وقد خصص العماد الأصبهاني مجلدًا كبيرًا في خريدته، وصف فيه آثار الشعراء الفاطميين، وما كان من نماذجهم، وبإزاء هؤلاء الشعراء، وجدت طوائف من الكتاب الممتازين استخدمهم الفاطميون في دواوينهم، وعني الفاطميون بديوان الرسائل خاصة وسموها ديوان الإنشاء4، وتكثر الإشارة في الكتب التاريخية، عمن كتبوا في هذا الديوان، وهناك نص طويل تتناقله هذه الكتب، يصف سلسل رؤساء الكتاب في ديوان الإنشاء الفاطمي، نجده في صبح الأعشى، وفي النجوم الزاهرة وحسن المحاضرة، وجاء في الكتاب الأول على هذ النحو: "لما ولي الفاطميون الديار المصرية صرفوا مزيد عنايتهم لديوان الإنشاء وكتابه، فارتفع بهم قدره، وشاع في الآفاق ذكره، وولي ديوان الإنشاء عنهم جماعة من أفاضل الكتاب وبلغائهم، ما بين مسلم وذمي، فكتب للعزيز بالله ابن المعز أبو المنصور ابن نسطوروس النصراني، ثم كتب بعده لابنه الحاكم، ومات في أيامه، فكتب للحاكم القاضي أبو الطاهر النهوكي، ثم كتب بعده لابنه الظاهر، وكتب للمستنصر القاضي ولي الدين بن خيران
__________
1 أحسن التقاسيم "طبع أوربا" ص205.
2 سفرنامه ص59.
3 وفيات الأعيان 2/ 5.
4 انظر مفاتيح العلوم للخوارزمي "طبع فان فلوتن" ص78 وكذلك كتاب تاريخ الوزراء للهلال بن المحسن ص151.

الصفحة 356