كتاب الفن ومذاهبه في النثر العربي

ثم ولي الدولة موسى بن الحسن قبل انتقاله إلى الوزارة، وأبو سعيد العميدي، وكتب للآمر والحافظ الشيخ الأجل، أبو الحسن علي بن أبي أسامة الحلبي إلى أن توفي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، فكتب ولده الأجل أبو المكاروم إلى أن توفي في أيام الحافظ، وكان يكتب بين يديهما الشيخ الأمين تاج الرياسة، أبو القاسم علي بن سليمان بن منجب، المعروف بابن الصيرفي، والقاضي كافي الكفاة محمود بن القاضي، الموفق أسعد بن قادوس، وابن أبي الدم اليهودي، ثم كتب بعد الشيخ أبي المكارم بن أبي أسامة المتقدم ذكره، القاضي الموفق بن الحلال أيام الحافظ، وإلى آخر أيام العاضد، وبه تخرج القاضي الفاضل البيساني، ثم أشرك العاضد مع الموفق ابن الخلال في ديوان الإنشاء، القاضي جلال الملك محمودًا الأنصاري "وهو ابن قادوس السابق"، ثم كتب القاضي الفاضل بين يدي الموفق بن الخلال قرب وفاته في سنة ست وستين وخمسمائة في وزارة الملك الناصر، صلاح الدين يوسف بن أيوب، وكتب في إنشائه عدة سجلات ومكاتبات عن العائد آخر خلفائهم"1، وهذا النص الطويل له طرافته من حيث، إنه يذكر أن الفاطميين لم يفرقوا بين مسلم، وذمي في وظائف ديوان الإنشاء، وما من ريب في أن ذلك يدل على أنهم، كانوا يطلبون لهذا الديوان من تفوق في تحبير الكلام، وصوغه دون تفريف بن من هو من دينهم، ومن هو من غير دينهم، ومن هو من نحلتهم، ومن هو من غير نحلتهم، فالبليغ التام يتولى هذا الديوان بغض النظر عن دينه ومذهبه، فالبلاغة هي مقياسه، وهي موضع تقديمه، ولعل مما يدل على مدى تقدير الفاطميين للكاتب الممتاز في تلك العهود، ما يرويه ياقوت عنهم من أنهم جعلوا راتب صاحب ديوان الإنشاء ثلاثة آلاف دينار في الشهر، غير رسوم يتناولها عن السجلات، والعهود وكتب التلقيدات2، وبينما يروي ناصر خسرو، أن راتب قاضي القضاة كان ألف دينار فقط"3.
على أنه ينبغي أن نلاحظ، أن النص الطويل السابق لكتاب دواوين الإنشاء
__________
1 انظر صبح الأعشى 1/ 69 والنجوم الزاهرة 7/ 337 وحسن المحاضرة 2/ 146.
2 معجم الأدباء 4/ 5.
3 سفرنامه ص65.

الصفحة 357