كتاب الفن ومذاهبه في النثر العربي

فزع نصر بن ربيعة ملك اليمن في تفسير رؤيا له1، وقد أخرجهما القصاص، ورواة الأخبار من عالم الواقع إلى عالم الخيال، فقالوا: إن سطيحا لم يكن فيه عظم سوى جمجمته، وإن وجهه كان في صدره ولم يكن له عتق، ولعله كان أحدب، أما شق فقالوا: إنه كان شق أو نصف إنسان له عين واحدة، ويد واحدة ورجل واحدة2.
ومن كهانهم المشهورين المأمور الحارثي، وكان من فرسان مذجح، وكانت بأمره تتقدم وتتأخر3، وخنافر الحميري، وكان يزعم أنه دخل الإسلام بمشورة رئيه شصار4، وعوف بن ربيعة الأسدي، وهو الذي أشار على قومه بالثورة على حجر بن الحارث الكندي وقتله5، وسلمة الخزاعي الذي تنافر إليه هاشم بن عبد مناف، وأمية بن عبد شمس فنفر هاشما6، وسواد بن قارب الدوسي، وقد أدرك الإسلام7، وعزى سلمة وهو أكهنهم جميعا8، ووجد بجانب هؤلاء الكهنة بعض نسوة عرفن بالتكهن من مثل الشعثاء الكاهنة9، وزبراء10، وكاهنة ذي الخلصة11، والكاهنة السعدية12 والزرقاء13 بنت زهير، والغيطلة القرشية14.
وروت كتب الأدب والتاريخ طائفة من أقوال هؤلاء الكهان، والكاهنات وخطابهم، وكلها تلتزم السجع، وما نشك في أن أكثر ما روي عنهم مصنوع، وإن من الخطأ أن يعتمد باحث على تلك المرويات، ويظنها صحيحة النسبة إلى من قيلت على ألسنتهم، لبسبب طبيعي، وهو أنها لم تكن مدونة ولا مكتوبة،
__________
1 الكامل لابن الأثير "طبع ليدن" 1/ 301، والسيرة النبوية 1/ 15.
2 انظر عجائب المخلوقات للقزويني "طبعة وستنفلد" 1/ 171.
3 الاشتقاق لابن دريد 269، وانظر الأمالي 1/ 276، واسمه فيه المأمون.
4 الأمالي 1/ 133.
5 أغاني 9/ 84.
6 السيرة الحلبية 1/ 5.
7 السيرة النبوية 1/ 223.
8 البيان والتبيين 1/ 358.
9 مجمع الأمثال للميداني 1/ 91.
10 الأمالي 1/ 126.
11 مجمع الأمثال 1/ 223.
12 نفس المصدر 2/ 54.
13 أغاني "طبعة دار الكتب" 13/ 81.
14 سيرة ابن هشام 1/ 221.

الصفحة 39