كتاب الفن ومذاهبه في النثر العربي

صلى الله عليه وسلم"1. وقد تداول العرب والمسلمون من كلماته الجامعة بعض أمثال لم يتقدمه فيها أحد، من ذلك قوله2:
مات حتف أنفه3 -كل الصيد في جوف الفرا4- إذن لا ينتطح فيها عنزان - يا خيل الله اركبي- لا يلسع المؤمن من جحر مرتين -هدنه على دخن5 وجماعة على أقذاء- الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة6 -إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى7- إياكم وخضراء الدمن8 -الآن حمي الوطيس9.
على أنه ينبغي أن نعرف أن الأمثال لم يعد لها منذ ظهور الإسلام خطورتها في تاريخ النثر العربي، فقد تغيرت الحياة العربية من قواعدها، ولم تعد تحتكرها الأمثال، إذ أخذ العرب يشغلون عنها بتلاوة القرآن ورواية الحديث، واتخذوا منهما وموعظتهم، وحتى الشعر كف كثيرون من شعرائهم عن نظمه10.
__________
1 البيان والتبيين 2/ 17.
2 نفس المصادر 2/ 15، وما بعدها والحيوان 1/ 335، وزهر الآداب للحصري "طبعة المطبعة الرحمانية" 1/ 23 ومجمع الأمثال للميداني 1/ 7، 1/ 21.
3 مات حتف أنفه: أي على فراشه من غير قتل في الوغى.
4 الفرا: حمار الوحش، يضرب مثلا في نفاسة الشيء أو الشخص.
5 دخن: حقد.
6 الراحلة: الصالحة؛ لأن ترحل.
7 المنبت: المسرع بناقته حتى عطبت فلم يقض حاجته ولا سفره، والظهر: الناقة التي يركبها.
8 الدمن: البعر المتلبد، وهو مثل يضرب تنفيرا من المرأة الحسناء تنشأ في منبت السوء.
9 الوطيس: التنور، يضرب مثلا على اشتداد الحرب.
10 أغاني "طبعة الساسي" 14/ 94.

الصفحة 51