كتاب الفن ومذاهبه في النثر العربي

الحق1 والطرماح2، وغيرهم كثير.
ولا يقل خطباء الشيعة كثرة عن خطباء الخوارج، ومن أشهرهم الحسين بن علي بن أبي طالب، وعلي بن الحسين وزيد بن علي، والمختار الثقفي وسليمان بن صرد، وعبد الله بن مطيع وعبيد الله المري، ومنهم بنو صوحان: صعصعة وزيد وسيحان، وكانوا يكثرون من القدح في بني أمية، وأنهم اغتصبوا الخلافة من أصحابها الشرعيين ورثة النبوة، وحملة الرسالة القدسية الهادية المهديين، والأئمة المنتظرين3.
ولم تطل مدة عبد الله بن الزبير، ومع ذلك فقد ملأ دفاتر العلماء كلامًا4، وكان أخوه مصعب، وإليه على العرقا خطيبا مفوها، وله خطبة جعلها كلها آيات قرآنية5، وكان حول ابن الأشعث كثير من الخطباء6، وكان يزيد بن المهلب خطيبًا مفوهًا، وقد روى الجاحظ بعض خطبه7.
وكان يقف في الصف المقابل من خطباء الأحزاب، والثورات خطباء بني أمية يدعون الناس إلى التمسك بحبل الجماعة، وتأييد الأمويين في حقوقهم التي اكتسبوها عن آبائهم، وتقديمهم لهم فروض الطاعة والولاء، وكثيرًا ما يخلطون ذلك بالترهيب والترغيب، وقد يشيرون إلى مقتل عثمان، وأن الأمويين أولياء دمه وورثة خلافته، ولهم مواعظ لا نشك في أنهم قالوها في صلاة الجمعة، والعيدين ككثير مما روي عن زياد والحجاج، وعن بعض خلفائهم وخاصة عمر بن عبد العزيز الخليفة الزاهد المشهور، وأكثر خلفائهم كان خطيبًا، ولهم خطب تدور في كتب الأدب والتاريخ، ومن خطبائهم بجانب من قدمنا عتبة بن أبي سفيان، والي معاوية على مصر وعبيد الله بن زياد، وخالد بن عبد الله القسري، ويوسف
__________
1 الأغاني 20/ 98.
2 البيان والتبيين 1/ 46.
3 الطبري، القسم الثاني ص1961.
4 البيان والتبيين 1/ 314، وانظر خطبه في العقد الفريد 4/ 107.
5 البيان والتبيين 2/ 299، والعقد الفريد 4/ 135.
6 البيان والتبيين 1/ 48، وانظر 2/ 155.
7 البيان والتبيين 1/ 292، وانظر العقد الفريد 4/ 127.

الصفحة 69