كتاب تثقيف اللسان وتلقيح الجنان

واديه. فضرب العرب به المثل في الخراب والخلاء، فقالوا: أحلى من جوف حمار، وأخرب من جوف حمار وهو الذي عنى امرؤ القيس بقوله:
وواد كجوف العير قفر قطعته ... به الذئب يعوي كالخليع المعيل
والغير: الحمار عند العرب
وقولهم: أفزع من صافرة.
والمثل: أجبن من صافر بغير هاء.
قيل إنه طائر يتعلق من الشجر برجليه، وينعكس رأسه خوفا من أن ينام فيؤخذ، فيصفر منكوسا طول ليلته.
وقيل إن الصافر هو الذي يصفر بالمرأة المريبة، وإنما يجبن لأنه وجل مخافة أن يظهر عليه. وفيه أقوال غير ما ذكرت.
وقولهم: أنحس من طويس.
وهو رجل من مخنثى المدينة، كان يسمى طاووسا، فلما تخنث تسمى بطويس، وتكنى بأبي عبد المنعم. وهو أول من غنى في الإسلام بالمدينة، ونقر بالدف المربع وأنشد في نفسه
إنني عبد المنعم أنا طاوس الجحيم
وأنا أشأم من يمشى على ظهر الحطيم
يعني الأرض، وكان أخذ طرائق الغناء عن سبي فارس وذلك أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، جعل لهم في كل شهر يومين يستريحون فيهما من المهن. وكان طويس يغشاهم، حتى فهم طرائقهم. وكان خليعا، يضحك الثكالى. فمن مجانته أنه كان يقول: يا أهل المدينة ما دمت بين ظهرانيكم فتوقعوا خروج الدجال والدابة، فإن مت فأنتم آمنون، فتدبروا ما أقول: إن أمي ولدتني في الليلة التي مات فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفطمتني في اليوم الذي مات

الصفحة 241