كتاب تثقيف اللسان وتلقيح الجنان

وقال أيضا: واتفقوا في مثل قولهم: أنت يا هند توضؤين، من الوضاءة، وتجرؤين، من الجراءة، على كتابه بواو وياء. لا اختلاف فيه، إنه لم يجتمع فيه واوان ولا ياءان، فأما مثل: أنت تخطئين، وتقرئين فبياءين، إحداهما الهمزة، والأخرى ياء التأنيث، هذا مذهب أهل البصرة. والكسائي والفراء يكتبانه بياء واحدة.
وإذا أضفت الممدود والمقصور المهموز إلى نفسك، نحو: كساي، ورداي، ومتوضاي، ومخباي، كتبت جميع ذلك بألف وبعدها ياء الإضافة لا غير، لئلا تجتمع ضرورتان، حذفوا الهمزة في الممدود، وأبدلوا منها في المقصور ألفا.
فإن كانت الهمزة ساكنة تبعت حركة ما قبلها، فتكتب: فأس، بالألف، وبئر، بالياء، ولؤم، بالواو، وكذلك في الجميع: ايتوا صفا، ايذنوا، كذلك إذا كان قبله ثم كقولك، ايذنوا ثم ايتوا صفا أيضا بالياء على لفظ الابتداء، لانفصال ثم منه. فإن كان قبله واو أو فاء لم تثب الياء، فتكتب: فأت فلانا، وأذن عليه، لاتصال الفاء والواو بالحرف، فكأنهما منه: ايجل من زيد، وما أشبه ذلك بالياء، لأن الواو تنقلب ياء لانكسار ما قبلها. قال الدينوري فإذا وصلت كلامك وكان ما قبلها مفتوحا أو مضموما، فإنه يكون في اللفظ واوا كتابته بالياء، كقولك: قلت له إيجل من ربك، وقلت له ايجع لفلان، وقلت لها ايجلي.
وإنما صارت في اللفظ واوا لانفتاح ما قبلها وسكون الواو منه فلما انفتح ما قبلها وسكنت الواو صحت في الخط على الانفصال عن ما قبله. وكذلك قلت له ايجل، صحت الواو في اللفظ لضمة ما قبلها وكتابتها بالياء على الانفصال.
وكذلك في الياء، قلت ايأس، من يئست.
فهذا هو الاختيار، أن يكتب على الانفصال. ويكون مع الفتح والضم واوا، لأنها لا كسرة قبلها فتنقلب.

الصفحة 256