كتاب تثقيف اللسان وتلقيح الجنان

وتكتب فعل الجماعة بالألف، نحو: قربوا: وبعدوا، ولم يضربوا، ولم يشهدوا، وما أشبه ذلك. وبحذفها من فعل الواحد، نحو زيد يغزو عدوه، ويرجو ربه، ولن تعدو طورك، وما أشبه ذلك، هذا هو الاختيار. وكتبه بعضهم بالألف كفعل الجماعة لما أشبهت واو الجمع، إلا أنهم اتفقوا على إسقاط الألف إذا نصبت، لن يدعو، لأنه قد ذهب عنه شبه الجمع.
وكذلك أثبتوا الألف بعد واو الجمع، وإذا حذفوا النون وأضافوا نحو: هلك بنوا زيد وضاربوا عمرو ليفرقوا بينه وبين أبي زيد، وأخي عمرو إلا أن تكون إضافة هذا الجمع إلى مكنى، فإنهم لا يثبتون فيه الألف، كقولك: بنوك وضاربوها، وما أشبه ذلك.
واعلم أنه إذا اجتمع ثلاثة ألفات اقتصر على اثنين، نحو قولك: براآت، ومساآت، فأما إذا كان الحرف الممدود منصوبا، نحو: لبست رداء، وشربت ماء، ووجدتهما سواء، فإن القياس أن يكتب بألفين، لأن فيه ثلاث ألفات: الأول، والهمزة، والتي هي بدل من التنوين في الوقف، إلا أن الكتاب كتبوه بألف واحدة، وتركوا القياس، على مذهب حمزة في الوقف عليها، واختار بعضهم أن يكتب بألفين، وإذا اجتمع ألفان اقتصر على واحدة، نحو آدم، وآخر وآمن، {لو يجدون ملجأ} ورأيت رشأ، ويأحمد، ويأبانا، وبرآه، وشنآه، وفجآه.
فأما قولك: الزيدان قرأ وملأ فإنك تكتب بألفين، للفرق بين فعل الواحد وفعل الأثنين.
وقد كتبه بعضهم بألف واحدة، إلا أنه بألفين أحسن، لما قدمناه.
ومما حذفوا منه الألف استخفافا لكثرة استعماله: إبرهيم، واسمعيل، وإسحق، وإسرائيل، وهرون وسليمن، وما أشبه ذلك، مما يكثر

الصفحة 257