كتاب محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

الباب الثامن: إسلامه وما وقع منه قبل إسلامه
...
الباب الثامن: في ذكر إسلامه، وما وقع منه قبل إسلامه رضي الله عنه
روى البخاري1 في (صحيحه) عن عبد الله بن عمر قال: "ما سمعت عمر لشيء قط يقول: "إني لأظنه كذا، إلا كان كما يظن، بينما عمر جالس إذ مرّ به رجل2 جميل، فقال: "لقد أخطأ ظني، أو أن هذا على دينه، في الجاهلية، أو لقد كان كاهنهم، عليّ الرجلَ، فدعي له، وقال له ذلك، فقال: "ما رأيت كاليوم استقبل به رجلاً مسلماً"3، قال: "فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني"، قال: "كنت كاهنهم في الجاهلية"، قال: "فما أعجب ما جاءتك به جنِّيَّتُك؟ "، قال: "بينما أنا يوماً في السوق جاءتني فيها الفزع"،قالت:"ألم ترَ الجنَّ وإبْلاسها4،ويأسها من بعد إنكاسها5،ولحوقها القلاص6 وأحلاسها"7.
__________
1 محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي، أبو عبد الله البخاري، جبل الحفظ وإمام الدنيا في فقه الحديث، توفي سنة ست وخمسين ومئتين. (التقريب ص 468) .
2 في الأصل: (رسل) وصححناه من البخاري.
3 في رواية أخرى: (رجل مسلم) . قال ابن حجر: "في رواية النسفي وأبي ذر: (رجلاً مسلماً) ، ورأيته موجوداً بفتح تاء (استقبل) ، على البناء للفاعل، وهو محذوف تقديره: أحد، وضبطه الكرماني: (استقبل؛ بضم التاء) ، وأعرب رجلاً مسلماً؛ على أنه مفعول رأيت، وعلى هذا؛ فالضمير في قوله: (به) ، يعود على الكلام، ويدلّ عليه السياق". (فتح الباري 7/179) .
4 أبلس: يئس، وتحير، ومنه: إبليس. (القاموس ص 687) .
5 الإنكاس: الانقلاب. قال ابن فارس: (معناه أنها يئست من استراق السمع بعد أن كانت قد ألفته، فانقلبت عن الاستقراق قد يئست من السمع) . (فتح الباري 7/180، لسان العرب 6/240) .
6 القلاص: جمع قلوص، وهو أول ما يركب من إناث الإبل إلى أن تثنى. (لسان العرب 7/81) .
7 الحِلٍْس والحلَسُ: كل شيء ولي ظهرَ البعير والدابة تحت الرحل والقتب والسرح. (لسان العرب 6/54) .

الصفحة 146