كتاب محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

إذ لقيني رجل من قريش، فقال: "أين تريد يا ابن الخطاب؟ "، فقلت: أريد ذاك الرجل الذي غيّر الدين، فقال: "عجباً لك يا ابن الخطاب، تزعم هكذا وقد دخل من هذا الأمر في بيتك!، قلت: وما ذاك؟ قال: "أختك قد أسلمت".
قال: فرجعت مغضباً حتى قرعت الباب قال: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أسلم الرجل أو الرجلان ممن لا شيء عندهما ضمهما إلى رجل بيده قوة، فيكونان معه ويصيبان من فضل طعامه، وكان قد ضم إلى زوج أختي رجلين، فلما قرعت الباب، قيل: من هذا؟ قلت: ابن الخطاب، فبادر القوم فتواروا مني، وقد كانوا يقرؤون صحيفة بين أيديهم، فنسوها وتركوها وسط البيت، فقامت أختي ففتحت الباب، فقلت: "يا عدوةَ نفسها صبوتِ؟، وضربتها بشيء في يدي على رأسها، فسال الدم، فلما رأت الدم بكت، وقالت: يا ابن الخطاب ما كنت فاعلاً فافعل فقد أسلمت، فدخلت مغضباً حتى جلست على السرير، فنظرت إلى الصحيفة في وسط البيت، فقلت: ما هذه الصحيفة؟ أعطنيها، فقالت: لست من أهلها، أنت لا تغتسل من جنابة ولا تتوضأ، وهذا {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ المُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] ، فلم أزل بها حتى أعطتنيها، فنظر فيها فإذا فيها: {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، فلما قرأت: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ذعرت من ذلك، وألقيت الصحيفة، ثم رجعت إلى نفسي فأخذتها فإذا فيها: {سَبَّحَ لله مَا فِي السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} [الحديد:1] ، فكلما مرّ بي اسم من أسماء الله ذعرت منه، ثم ترجع إليّ نفسي حتى بلغت: {آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد: 7] ، قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمّداً رسول الله".
فلما سمع القوم خرجوا / [6 / ب] إليّ مبادرين،

الصفحة 155