كتاب محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

عليه كلمة حتى قام عامداً إلى المسجد فنادى أندية قريش: إن ابن الخطاب قد صبأ، فقال عمر: "كذب، ولكني أسلمت، وآمنت بالله وصدّقت رسله، فثاروا، فقاتلهم وقاتلوه، حتى ركدت الشمس على رؤوسهم، وفتر عمر، وقاموا على رأسه، وهو يقول: "افعلوا ما بدا لكم، فوالله لو كنا ثلاث مئة رجل لقد تركتموها لنا أو تركناها لكم".
قال: فبيناهم قيام عليه إذ أقبل رجل عليه حلة حبرة وقميص قومسي1، فقال: "مالكم؟ "، قالوا: "صبأ عمر"، فقال: "فمه، امرؤ اختار لنفسه ديناً؟ فتظنون أن بني عدي تُسلم لكم صاحبكم؟ "2، فوالله لكأنما كانوا ثوباً انكشف عنه. فقلت له بعد المدينة يا أبت من الرجل الذي رد عنك القوم يومئذ؟ قال: "يا بني، ذاك العاص بن وائل"3.
وقال في (عيون التاريخ) 4: "وهو طريق ابن هشام5 في السيرة وغيره، ثم أسلم عمر بن الخطاب وكان رجلاً جلداً منيعاً، أسلم بعد هجرة المسلمين
__________
1 قومسي: في سيرة ابن هشام: قميصي موشي. فلعله منسوب إلى قومس التي قال عنها ياقوت: "بأنها كورة كبيرة في ذيل جبال طبرستان". (معجم البلدان4/414) .
2 في سيرة ابن هشام، وسيرة ابن إسحاق (صاحبهم) .
3 ابن إسحاق: السير والمغازي ص 184، ابن هشام: السيرة 1/429، وصرح ابن إسحاق بالسماع، وعبد الله بن الإمام أحمد في زوائد على فضائل الصحابة لأحمد 1/281، 282، من طريق ابن إسحاق، الحاكم: المستدر 3/85، مختصراً وصححه على شرط مسلم، قال ابن كثير: "هذا إسناد جيد قوي". السيرة النبوية لابن كثير 2/39) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/65: "رواه البزار والطبراني باختصار ورجاله ثقات إلا ابن إسحاق مدلس".
4 عيون التواريخ لمحمّد بن شاكر الكتبي الدمشقي (ت 764هـ) . مخطوط في ستّة مجلدات. (الأعلام 6/156) .
5 عبد الملك النحوي الذهلي السدوسي، نزيل مصر، سمع السيرة من زياد البكائي وهذّبها، توفي سنة ثمان عشرة ومئتين. (وفيات الأعيان 3/177، سير أعلام النبلاء (10/428) .

الصفحة 158