كتاب محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

بن زيد بن عمرو بن نُفَيل، وكانا مسلمين يخفيان إسلامهما من عمر، وكان نعيم بن عبد الله النحام العدوي1 قد أسلم أيضاً، وهو يخفي سلامه فزعاً من قومه، كان خباب بن الأرت يختلف إلى فاطمة يُقرئها القرآن، فخرج عمر يوماً ومعه سيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وهم مجتمعون في دار الأرقم عند الصفا، وعنده من لم يهاجر من المسلمين في نحو أربعين رجلاً، فلقيه نعيم بن عبد الله فقال: "إلى أين عمر؟ "، قال: "أريد محمّداً الذي فرّق أمر قريش، وعاب دينها؛ فأقتله".
فقال نعيم: "والله غرّتك نفسك، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض، وقد قتلت محمّداً! أفلا ترجع إلى أهلك فتقيم أمرهم؟ ".
قال: "وأي أهلي؟ " قال: "خَتَنُك وابن عمّك، وأختك فاطمة، فقد والله أسلما"، فرجع عمر إليها وعندها خباب بن الأرت يقرئهما القرآن، فلما سمعوا حسّ عمر تغيب خبّاب، وأخذت فاطمة الصحيفة فاتقتها تحت فخذها - وفي رواية: جعلتها بين فخذيها - وقد سمع عمر قراءة خباب، فلما دخل قال: "ما هذه الهينمة التي أسمعها؟ " قالا: ما سمعت شيئاً، فقال: "بلى والله لقد أخبرت أنكما تابعتما محمّداً"، وبطش بختنه سعيد بن زيد، فقامت أخته لتكفه، فضربها، فشجها، فلما فعل ذلك، قالت أخته: نعم والله قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما شئت، / [8/أ] ولما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم، وقال: "أعطني هذه الصحيفة التي سمعتكم وأنتم تقرؤونها حتى أنظر إلى ما جاء به محمّد"، قالت: "إنّا نخشاك عليها، فحلف أنه يعيدها؛ قالت:
__________
1 أسلم بعد ثمانية وثلاثين إنساناً، واستشهد بأجنادين في خلافة عمر سنة خمس عشرة. الإصابة 6/249) .

الصفحة 160