كتاب محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

لم يسمع الناس للحيطان ألسنةً ... وإنما قيل للحيطانِ آذانُ1
كما كان المجتمع المملوكي يعج بالانحراف الأخلاقي2، وكان القتل هو أعظم الجرائم المؤرقة لكثير من الناس، وقد ذكر ابن عبد الهادي أن الفتوى بجواز قتل العوانية3 قد فتح باباً واسعاً للشر حيث أغرى بعض الفقهاء للذعر4 بأنه يجوز قتل أعوان الظلمة، فصار من في قلبه من أحد شيء إما يقتله أو يغريهم، ويعطيهم دراهم فيقتلونه ويحتجون بأنه عوني، فحصل بذلك فساد كثير.
قال الشيخ ابن عبد الهادي: "فسئلت عن هذه المسألة مرتين، فأجبت في الأولى بجواب مختصر نحو الكراسة، وفي الثانية بمطول نحو الثلاثين كراساً وسميته: (الذعر في أحوال الزعر) 5، ومحطهما عدم الجواز، وأنه لا يجوز لأحد إغراؤهم"6.
وبين - رحمه الله - أنه لا يجوز قتل هؤلاء الزعران باعتبارهم أعوان الظالمين، لأنه لو جاز ذلك فجواز قتل الظالمين أحق وأولى7.
__________
1 ابن حجر: إنباء الغمر 1/198، 199.
2 المقريزي: الخطط 1/68، ابن طولون: مفاكهة الخلان 1/20، 21، الصيرفي: نزهة النفوس 1/169، عاشور: المجتمع المصري ص: 225.
3 العوانية: هم الذين يتجسسون لصالح الحكام.
4 الزعران: هم الذين يعرفون في مصر بالحوافيش والجعيدية وفي العراق بالعيارين، وهم فئة من اللصوص والمحتالين. (البقلي: التعريف بمصطلحات صبح الأعشى ص: 170، العلبي: دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين ص: 95، 96) .
5 المراد به ذم الهوى والذعر من أحوال الزعر.
6 ابن طولون: مفاكهة الخلان 1/182.
7 ابن عبد الهادي: ذم الهوى والذعر من أحوال الزعر ق 5.

الصفحة 27