كتاب محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

ج- الحياة العلمية:
كان العصر المملوكي من أنشط العصور العلمية وأهمها، فقد ظهر فيه طائفة من علماء الإسلام الذين جمعوا أشتات العلوم ونبغوا في مختلف الفنون، كانوا هم أصحاب الفضل في ضم شتات العلم في أسفار أشبه بدوائر المعارف الحديثة؛ لما اشتملت عليه من مؤلّفات متنوعة لعلوم مختلفة.
ولا أدل على ذلك من تلك الكتب التي وصلت إلينا من ذلك العصر، ولا تزال دور الكتب في جميع أنحاء العالم مشحونة بمئات المخطوطات التي ترجع إلى ذلك العصر1.
ويعود ذلك النشاط العلمي إلى أسباب منها:
1- المدارس ودور التعليم الأخرى:
امتاز عصر السلاطين المماليك بالبلاد الشامية والديار المصرية ببناء المدارس، وتوسع السلاطين في بناء المدارس، فأنشئت العديد من المدارس التي درس فيها كبار العلماء الذين زخر بهم ذلك العصر والذين نبغوا في مختلف الفنون الإسلامية2. وكان عدد مدارس دمشق إحدى وستين ومئة مدرسة، ومن هذه المدارس مدارس فقهية للمذاهب الأربعة، فقد كان للأحناف: اثنتان وخمسون مدرسة، وللمالكية أربع مدارس، وللشافعية ثلاث وستون مدرسة، وللحنابلة إحدى عشرة مدرسة منها المدرسة العمرية المشهورة التي أنشأها أبو عمر بن قدامة المقدسي الحنبلي (ت: 606هـ) ، وهي أكبر المدارس في دمشق؛ لأنها اشتملت على ثلاث مئة وستين خلوة، تخرج فيها عدد كبير من العلماء، ودرس بها أئمة
__________
1 العمري: ابن عبد الهادي وأثره في الأصول ص: 21.
2 المقريزي: الخطط 4/238، 273، الغامدي: الخلافة العباسية في مصر ص: 467.

الصفحة 28